مـقدمـة :
منذ نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط نظام مبارك وظهرت علي الساحة السياسية في مصر العديد من النقاشات والحوارات حول أيديولوجية النظام السياسي القادم وهوية الجمهورية الجديدة ، وهذه النقاشات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن كل التيارات السياسية في مصر تتمتع بصحة جيدة ، إن جاز التعبير ، وتتمتع برؤية واضحة لأهداف كل منها ، وهو أمر يدعو للتفاؤل بشأن المستقبل السياسي لمصر ، ولا يجب أن ننسي أن ثورتنا كانت بمثابة الاستقلال عن احتلال داخلي دام ثلاثة عقود ، ولا يجب أن ننسي أيضاً أن ثمن الحرية والاستقلال دائماً ما يكون باهظاً ، ولنا في الثورة الفرنسية خير مثال. إذن فهذا التوتر الظاهري والإشكاليات الفكرية التي تطفو علي سطح الحياة السياسية الآن لا يجب أن تدعو للقلق ، بل تدعو للتفاؤل في حقيقة الأمر.
يحتاج البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي إلى إستراتيجية علمية واضحة المعالم، وقابلة للتطبيق وقبل ذلك إدارة سياسية داعمة، تؤمن بأهمية البحث العلمي في تقدم وتطور الدول والمجتمعات، كما يحتاج إلى إدارات جامعية مؤهلة أكاديمياً وقيادياً و يقوم به علماء مبدعون في ميادينهم، مدركون أوضاع أوطانهم وحاجاتها، قادرون على تقصي كل ما هو حديث وطرح الأسئلة، وتلقي الأجوبة. والبحث العلمي باختصار هو الطريق إلى مواكبة العصر في جميع الميادين تتولاه مراكز ومجالس للبحوث العلمية الاقتصادية والصناعية والزراعية والصحية والسياسية والاجتماعية وتكون الجامعة هي النبع الذي يرفد جميع هذه المراكز والمجالس. ومما لاشك فيه أن من أهم مقومات البحث العلمي والتطوير توفر حرية أكاديمية مسؤولة عن مقاربة مشكلات المجتمع، كما يحتاج البحث العلمي الرصين للدعم المادي والمعنوي الكافي، وكذلك المتطلبات الضرورية من التقنيات الحديثة، والمختبرات والمراكز العلمية الملائمة، والخدمات الإدارية المساندة، فبهذه الشروط تمكنت البحوث العلمية في جامعات الغرب من إدخال تغييرات جذرية على برامجها التعليمية، ونظمها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
والناظر لوضع البحث العلمي في العالم العربي يلاحظ أن هناك الكثير من العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي وتحد من أدائه لدوره المتوقع منه، مما أدى إلى تأخر عملية التنمية والتطور في هذا الجزء من العالم.
وسنناقش هذه العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي في العالم العربي لتشخيص المشكلة لعل أن يتم وضع الحلول المناسبة لهامن خلال استعراض النقاط التالية:
1-العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي في العالم العربي.
2-أهم الصعوبات التى تواجه البحث العلمى، بالدول العربية خاصة فى مجال العلوم الاجتماعية:
ا-صعوبات تتعلق بالجوانب المنهجية. ب-صعوبات فى التطبيق العملى.
*تصنيف المشاكل التى تواجه استخدام مناهج البحث العلمى فى الدول النامية.
3-معوقات البحث العلمي العربي:
ا-المعوقات العلمية. ب-المعوقات العملية.
4-المشكلات الواقعية والمتوقعة للبحث التربوي.
5- مشكلات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية.
6-أزمة البحث العلمي فى المجالات التربوية والاجتماعية والنفسية.
7-الصعوبات التي تواجه الباحث العربي في مجال البحث العلمي.
العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي في العالم العربي:
هناك العديد من العقبات والصعوبات تواجه البحث العلمي في
الوطن العربي وبالإمكان إجمالها في النقاط التالية:
1)التقليل من قيمة البحث العلمي:
لا تزال بعض الدول العربية أو بعض الإدارات فيها لا تعي قيمة البحث العلمي، وبالتالي لا تعمل جاهده على تمكين البحث العلمي وتيسير أموره، فهي ترى أنه ترف فكري أوعلمي وليس هناك داعي لإضاعة المال والوقت على البحوث العلمية، وهذه الإشكالية تنعكس على نقاط أخرى كثيرة في إجراءات البحث العلمي.
2) نقص التمويل: حتى في الأحوال التي نجد فيها اهتمام البحث العلمي نجد أن هناك نقص في تمويل البحوث العلمية، وعدم تخصيص الميزانيات الكافية لإجراء البحوث بالطرق المناسبة، وكنسبة
عامة فإن ما يخصص للبحوث لا يتجاوز في العادة أكثر من 2% من ميزانية المنشأة. هذا الوضع دفع ببعض الباحثين إلى تمويل البحوث من جهات غير أكاديمية، مما يكون له انعكاس سلبي على جودة البحوث ومصداقيتها.
3)الفساد الإداري: يلاحظ تفشي ظاهرة الفساد الإداري في كثير من القطاعات الرسمية التي لديها ميزانيات للبحوث، حيث يضطر الباحث إلى إشراك بعض منتسبي تلك القطاعات إلى فريق البحث رغم عدم حاجته إليهم وذلك لضمان أن يحصل على تمويل البحث. وقد يأخذ الفساد أشكال أخرى تتمثل في اقتطاع جزء من ميزانية البحث لرشوة بعض المسئولين. ومن ألوان الفساد الشائع قيام بعض الجهات الحكومية ومؤسسات التمويل بالطلب من الباحثين تقديم مقترحات بحثية. يقوم الباحث بعد ذلك بتقديم تصور أو مقترح للبحث ويعد له ميزانية متقنة، إلا أنه وبعد طول انتظار يفاجأ الباحث بأن أفكاره قد تم إعطائها لمجموعة بحثية أخرى للإفادة منها، ويعد ذلك نوع من الفساد المتمثل بالمحسوبية وعدم النزاهة العلمية.
4) سرية الأرقام: إحاطة الأرقام والإحصاءات الرسمية بسرية غير مبررة، وعدم تزويد الباحث بها تحت دعاوي أنها معلومات أمنية، في الوقت الذي يمكن الحصول على تلك المعلومات من جهات أجنبية كالبنك الدولي ومنظمات دولية أخرى.
5)صعوبة الحصول على معلومات: تعذر الوصول إلى بعض أوعية المعلومات خاصة في
الإدارات الحكومية التي تضع عراقيل أمام الباحثين أو في الدول التي تمارس حجب بعض
مواقع الإنترنت.
6) الصعوبات الميدانية: وجود صعوبات ميدانية تواجه عملية جمع البيانات، وعدم تسهيل مهمة الباحث والريبة فيه وبأهدافه، وإفتراض أن لديه أجندة خفية. فحراس المعلومات Gate Keeper قد يعيقون دخول الباحث إلى بعض الأماكن التي يتطلبها البحث كالسجون والإصلاحيات أو المستشفيات.
7 -نقص المصادر العلمية: يعاني بعض الباحثين من نقص المصادر العلمية كالكتب والمراجع
والمقالات العلمية، وعدم قدرة البعض على الإفادة من أوعية المعلومات المتاحة خاصة الأوعية الإلكترونية، إما لعدم إلمامهم بطرق الإفادة من التقنية الإلكترونية، أو لعدم توفرها أصلاً.
8-عدم جدية البحوث: عدم ملامسة البحوث “للقضايا الجدية” إيثاراً للسلامة، الأمر الذي يتطلب سن قوانين وأنظمة لحماية الباحثين من تعسف السلطات الأمنية.
9) هدف البحث:
معظم البحوث التي يقوم بها أساتذة الجامعات تتم بهدف الترقية العلمية دون أن تكون بالضرورة بحوث جادة، كم أنها لا تلامس الواقع المعيشي والحاجة العلمية الحقيقية
المرأة الباحثة:
تعاني المرأة الباحثة من صعوبات جمه خصوصاً عند القيام ببعض البحوث التي تتطلب جمع بيانات ميدانية، مما يعيق تطور المرأة في المجال العلمي.
عدم تساوي فرص الجنسين: معظم الباحثات لا يحصلن على فرص متساوية لما يحصل عليه الرجال من حيث الوصول إلى مصادر التمويل أو المشاركة في المؤتمرات العلمية التي تتطلب إعداد بحوث أو أوراق عمل، بل قد لا يوجه إليهن دعوات للمشاركة من قبل الجهات
المنظمة لتلك المؤتمرات.
11)بحوث للرفوف: معظم البحوث وخصوصاً الأكاديمية لا يتم الإفادة منها بالشكل المطلوب ويتم وضعها على الرفوف، ما يعني أن الجهد الذي بذل في البحث والدراسة يذهب هباءً.
إحباطات الباحث: عدم جدية بعض الباحثين، إما لخلل في ذواتهم أو للاحباطات التي يواجهونا، وبالتالي لا يتم الاهتمام بشكل كبير في إجراء البحث وتطبيقه، وقد يتم إسناده لباحثين من الباطن مما قد يخل بالبحث وقيمته العلمية. هذه بعض الصعوبات والعقبات التي تواجه البحث العلمي في العالم العربي، وهي تحتاج إلى وقفة جادة من قبل المسئولين من أجل تطوير إجراءات البحث العلمي وتوفير الدعم اللازم له، ليرتقي إلى مصاف البحث العلمي في الدول المتقدمة.
ويذكر عبد الله زلطة أن أهم الصعوبات والمشكلات التى تواجه البحث العلمى، بالدول العربية خاصة فى مجال العلوم الاجتماعية يمكن حصرها فى ما يلى:
1. الفهم القاصر لوظيفة البحث العلمي وأهميته، إذ لا يزال الكثيرون ينظرون إلى البحث على أنه نوع من “الترف” وليس ضروري لتقدم المجتمع.
2. سيطرة النزعة الفردية على المجال البحثي،وعدم اهتمام معظم مؤسسات التعليم العالي
بفكرة البحث الجماعي الذي يشارك فيه فريق متكامل من الباحثين، سواء على مستوى
أعضاء هيئة التدريس، أو على مستوى الطلاب فى المراحل التعليمية المختلفة.
3. الاستخفاف بأهمية البحث العلمي، والسخرية من جهود المشتغلين فى هذا المجال وعدم إعطائهم المكانة اللائقة التي يستحوقنها من تقدير وتكريم.
4. هناك العديد من القيود التى توضع أمام الباحثين
، سواء بمنعهم من الإطلاع فى المكتبات الجامعية إلا برسوم عالية لا يقدرون عليها،
أو بعدم إتاحة ما يرغبون الإطلاع عليه من مراجع ودوريات بسهولة ويسر دون عناء، مما
يثبط همة الكثيرين منهم، إضافة إلى إهدار الوقت والجهد فى البحث عن المعلومات والبيانات اللازمة.
5. سيطرة المعتقدات والعادات البالية على شرائح عديدة من أفراد المجتمع الذين يخشون التعاون مع الباحثين، خاصة فى مجال البحوث الميدانية، إم لقناعة هؤلاء المبحوثين الذين يمثلون الرأى العام، بعدم أهمية آرائهم التى يمكن أن يحويها أى بحث علمى، أو لخوفهم من التعرض للمسائلة والعقاب إذا هم تعاونوا مع الباحث دون موافقة رؤسائهم فى العمل.
6. صعوبة قياس الرأى العام فى الدول النامية بصفة عامة، والدول العربية بصفة خاصة، وذلك لصعوبة توافر مقومات هذا الرأى العام بمفهومه العلمى.
7. تفتقر معظم الدول النامية، وفى مقدمتها الدول العربية، لمراكز بحوث الرأى العام، إذ لا تتم الموافقة على إنشاء مثل هذه المراكز المتخصصة بسهولة ويسر، كما هو الحال فى الدول المتقدمة التى تشجع إنشاءها، ويسترشد صناع القرار بنتائج وتوصيات بحوثها.
8. لا يوجد تعاون كاف بين الأكاديميين والممارسين، وغياب لغة التفاهم المشترك بين الجانبين… إذ نادراً ما تنفق إحدى الوزارات أو المؤسسات أو الشركات على بحوث تطبيقية، أو تستعين أو تسترشد بنتائجها وتوصياتها…فالباحثون الأكاديميون فى واد ومؤسسات المجتمع فى واد آخر، لا يربط بينهما إلا خيط رفيع لا يرى بالعين المجردة!!
9. بطء الباحثين، خاصة فى المجالات الاجتماعية
والإعلامية، فى الوصول إلى نتائج ذات دلالات تفيد المخططين والممارسين الذين يحتاجون إلى نتائج سريعة تفيدهم فى اتخاذ القرارات ورسم السياسات وممارسة العمل اليومى بما يحويه من مشكلات وقضايا.
10.اتجاه بعض الباحثين فى المجالات الاجتماعي والإعلامية، إلى استخدام الاساليب النمطية فى معالجة بعض المشكلات البحثية والتصدى لها كما هى، دون التعمق فى تحليلها والوصول إلى جذورها، وقصر المعالجة على الجوانب السطحية، مما يؤدى إلى الوصول لنتائج لا يعتد بها.
11. عدم استغلال طاقات الشباب الطموح ممن لديهم أفكار مستحدثة، فى معالجة مشكلات بحثية يشهدها
القرن الجديد، والخشية من اقتحام المشكلات الواقعية بفكر بحثى حر قوى جزئ، لتشخيص
الأسباب الحقيقية لهذه المشكلات وتحديد العلاج المناسب لها.
يعتقد بعض المسؤلين وصناع القرار فى الوطن العربى بأن البحوث في المجالات الاجتماعية والاعلامية تأتي في مرتبة متدنية ,ولاتحتل تلك الأهمية والمكانة التي تحتلها البحوث في مجال العلوم الطبيعية ,رغم أن التقدم في المجالات الاجتماعية والاعلامية والثقافية والانسانية والحضارية , لا يقل أهمية عن التقدم المادي , خاصة في المجتمع العربي صاحب الحضارة العريقة التي تمتد جذورها الي آلاف السنين.
صعوبات تتعلق بالجوانب المنهجية: وهناك صعوبات ومشكلات تتعلق بالجوانب المنهجية المستخدمة في البحوث الاجتماعية بصفة عامة ,وبحوث الإعلام والرأي العام بصفة خاصة ,وقد حددها بعض أساتذة مناهج البحث والخبراء فيما يلي :
أـ قصور مجال الإعلام والاتصال الجماهيرى في بلورة نظريات خاصة به حتى نهاية القرن العشرين
,مع تشابك علوم متعددة في نطاقه , مما يجعله يعتمد علي التطورات النظرية في هذه العلوم .
ب ـصعوبة قياس تأثير الإعلام في الظاهرة التي يقوم الباحث الإعلامي بدراستها ,نظرا لتداخل عدة عوامل ومتغيرات في إحداث هذه الظاهرة وفي التأثير في فاعلية الإعلام.
ج ـ لما كان الإعلام يستهدف إحداث آثار تراكمية
طويلة المدى فإن القياس الفوري أو العاجل لآثاره يواجه صعوبات شديدة ويعطى بيانات خاطئة ومضللة , لذا فإن علي الباحث أن ينتظر فترة طويلة حتى يمكنه قياس النتائج المترتبة علي البرامج الإعلامية , فضلا عن تيقظه ومتابعته المستمرة لها.
د ـ صعوبة إجراء بعض التجارب سواء العملية أو البيئية في مجال الإعلام ـ بعكس الحال في العلوم
الطبيعية ــ نظرا لتعدد المتغيرات المؤثرة في الظاهرة الإعلامية موضع الدراسة ,
والصعوبات التي تصل إلي حد الاستحالة في بعض الحالات في ضبط هذه المتغيرات
والتحكم في أكبر عدد منها .
هـ ـعدم استخدام المناهج المختلفة في دراسة الظاهرات والمشكلات الإعلامية والاجتماعية ,والاقتصار على استخدام منهج واحد , مما يؤدى إلي احتمال عدم إمكانية التوصل إلي المعلومات الصحيحة ,وصعوبة التثبت من صحتها وصدقها ودلالتها .
وـ عدم توفير مقاييس دقيقة يمكن استخدامها في بحوث الإعلام بصفة خاصة , والبحوث الاجتماعية بصفة عامة .
زـ الأخطاء التي يحتمل أن تنتج , إما من تحيز الباحثين أو التفسير الخاطئ للمعلومات والبيانات والنتائج .
حــ أهمية دراسة الفرد باعتباره المستهلك النهائي للمواد الإعلامية , وهو مزيد من الصعوبة للدراسة الإعلامية , نظرا لدرجة التباين الشديد بين الأفراد والمجموعات، وبالتالى التباين الشديد فى احتياجاتهم وآرائهم واتجاهاتهم ودرجات التأثير الاعلامى التى تحققت لديهم، مما يستلزم قدرا أكبر من الدقة والحذر فى اختيار العينات الممثلة لكافة فئات المجتمع تمثيلا صحيحا ومتكافئا، هذا إلى جانب التغيرات السريعة المتتابعة التى تحدث بالنسب للفرد والجماعة الصغيرة مما يزيد من الصعوبات المنهجية فى عمليات القياس والاستدلال.
ط-النقص الواضح فى العديد من البيانات والإحصائيات وعدم كفايتها.
ى-الحاجة إلى أجراء معظم نوعيات بحوث الإعلام بطريقة مستمرة وإعادة تطبيقها كل فترة زمنية، نظراً لعدم ثبات نتائج هذه البحوث لفترة طويلة وتأثرها بالمتغيرات العديدة التى تحدث فى المجتمع أو فى وسائل الإعلام والاتصال وأنماطه وأساليبه، وهو ما يقتضى ضرورة ملاحقتها وتسجيلها باستمرار.
صعوبات فى التطبيق العملي:
وفى إطار هذه المشكلات المنهجية، يحرص خبراء وأساتذة مناهج البحث على الحصر الدقيق لبعض الصعوبات التى تواجه البحوث الاجتماعية والإعلامية فى التطبيق العملي، ويتمثل
أهمها فيما يلى.
مشكلات تتصل بالملتقى: وتتمثل فى:
1- الاختيار: حيثتعتمد البحوث الميدانية اعتمادا كبيراً على أسلوب العينات نظرا لاتساع رقعة المساحة التى يشغلها الجمهور مع تقدم تكنولوجيا الاتصال ويحتاج اختيار العينة إلى إطار يتضمن كل مفردات مجتمع الدراسة، وهو ما لا يتوافر فى بعض المجتمعات التى لا تجرى إحصائيات سكانية دورية، تسمح بتوفير إطار يزود الباحثين ببيانات دقيقة عن خصائص أفراد المجتمع.
2- نقص الوعى لدى المتلقى، حيث يواجه الباحث صعوبات جمة فى الحصول على البيانات المطلوبة من المبحوثين فى القطاعات الريفية والشعبية واليدوية.
3- يؤثر اتجاه المتلقى ومدى تعاونه مع الباحث على سلامة النتائج التى يتم الوصول إليها.
4- يجد الباحثون المهتمون بقضايا الرأى العام صعوبات جمة فى الحصول على إجابات صادقة وثابتة فى قياسات الرأي العام، التى تفترض الإلمام بهذه القضايا والاهتمام بها اهتماما تفرضه المواطنة، كما يتطلب قدرا من التفكير والقدرة على تحليل الذات. وترتبط هذه المتطلبات ارتباطا طرديا بالتعليم الجاد والواعي وهما مما تفتقر إليها نسب ملحوظة من القطاعات المبحوثة في المناطق الشعبية والريفية والبدوية.
5- صعوبات البحوث البعدية:إذ أن بحوث الأثر الاجتماعى هى أصعب أنواع بحوث الإعلام. ذلك أن المتلقي يعيش فى بيئة اجتماعية يخضع فيها لمؤثرات من داخلها وخارجها، ومن ثم تتعدد العناصر أوالمتغيرات التى تؤخذ فى الاعتبار عند دراسة الأثر ويصعب عزلها، وحتى لو أمكن عزلها ودراستها تتبقى مهمة جمعها معا لتتفاعل، ودراسة آثار الاتصال بينها فى موقف حقيقى وطبيعى وليس تجريبيا معمليا مصطنعا.
6- مشكلات التحديد والقياس: فأكثر للمفاهيم التى تتعامل معها بحوث الإعلام لم تدخل بعد عصر القياس ولا تزال فى طور الوصف الكيفى. كما لا تستخدم دائماً نفس المصطلحات للتعبير عن نفس المدركات والافكار بما يعرف بتوحيد المفاهيم، وقد كان ذلك – كما يؤكد الخبراء – من أهم أسباب صعوبة المقارنة بين نتائج البحوث.
7- عزلة الباحث العربى عن الحركة البحثية المتطورة فى المجتمعات الأخرى: كنتيجة للنقص فى تبادل البحوث على المستوى العالمى بل حتى على المستوى العربى، وضعف حركة الترجمة إلى العربية والنقص فى إعداد الباحث فى المجالات الاجتماعية والإعلام وعدم الاهتمام بتدريبه التدريب الكافى، وهو ما ينعكس بالسلب على الحركة البحثية والمؤسسة التعليمية والمجتمع بصفة عامة.
بينما يرى عاصم الأعرجى انه يمكن تصنيف المشاكل التى تواجه استخدام مناهج البحث العلمى فى الدول النامية كما يلى:
1-نقص كميات ونوعيات المعلومات المطلوبة.يمكن أن يؤدى النقص الكمى أو / والنوعى فى
المعلومات المطلوبة فى البحث الإدارة إلى ارتكاب الخطأ فى تشخيص المشكلة البحثية وقد يؤدى ذلك بدوره إلى أخطاء فى الحلول المقترحة التى قد يأتى بها البحث المذكور.
2-النسب العالية من المعلومات المتقادمة فى الدول النامية يمكن أن تقود إلى تضليل الباحثين الإداريين وبالتالي الحيلولة بينهم وبين حل المشاكل الإدارية,…..وبالطبع أن معالجة مثل هذه المشكلة يتطلب خلق وعى معلوماتي علمي لدى العاملين بنظم المعلومات إضافة إلى زيادة مستويات كفائتهم عن طريق برامج التدريب الخاصة بتكنولوجيا المعلومات المعاصرة.
النامية، هذا وقد أدت المناهج التقليدية الشائعة والمشتقة من بعض التقاليد والقيم المحلية الشائعة، إلى الكثير من حالات الفشل والاحباط فى حل المشاكل الإدارية المزمنةة فى الاقطار النامية.
نقص الثقة بمناهج البحث العلمى يمكن أن يدفع العاملين من ذوى العلاقة إلى الامتناع عن الاستجابة الفعالة لمستلزمات البحث العلمى ومن اعطاء المعلومات المطلوبة للباحثين… وبالتالى اعاقة أو حتى افشال العملية البحثية العلمية وبالطبع أن محدودية التجاوب مع عمليات البحث العلمى من
قبل ذوى العلاقة يمكن ان تؤدى إلى اخطاء فى التشخيص واخطاء فى العلاج.
أجهزة الاعلام العامة وبرامج التدريب والتثقيف يمكن ان تستخدم لتغير مفاهيم ليس فقط العاملين بل المواطنين كذلك من ذوى العلاقة بصدد دور أهمية منهجية البحث العلمى.. ومن ناحية أخرى فإن الدعم الرسمى من قبل القانون والقيادات الادارية يمكن أن يكون له أثر فعال فى الحد من دور المناهج اللاعلمية وترسيخ موقع مناهج البحث العلمى فى الاجهزة الادارية للدول النامية
4-نقص الامكانات المادية والتكنولوجية فى الأجهزة الادارية للدول النامية يعتبر معوقا اضافيا لعمليات البحث العلمى. فمحدودية الدعم المالى ومحدودية المعرفة يقودان عادة إلى عمليات بحثية هزيلة وإلى نتائج بحثية هزيلة وادراكا لهذه الحالة قامت الأمم المتحدة من خلال برنامج المساعدات المالية والفنية الخاص بها بمساعدة عدد من الدول النامية فى مجال تحسين طرق حل مشاكلها المحلية.
وبالطبع أن الاعتماد على الذات يعتبر الأسلوب المفضل لحل المشاكل ولكنه يحتاج إلى جهود مكثفة لتدريب موظفي الدولة النامية على التقنيات الإدارية الحديثة كما يحتاج ذلك إلى اقناع القيادات السياسية فى هذه الدول لتقديم الدعم المالى المطلوب
للبحوث التطبيقية.
5-التدخلات غير المبررة من قبل بعض القادة الاداريين ومن قبل افراد خارج الجهاز
المعنى يعتبر معوقا اضافيا لعمليات البحث العلمى الدول النامية وعادة ما تؤدى التأثيرات والتدخلات من قبل بعض الأشخاص والتى تهدف فى حقيقتها إلى ترويج وحماية مصالح خاصة فردية، إلى حرف المجهودات البحثية العلمية بعيدا عن الأهداف المطلوبة أعلاه.
ويمكن أن تحد الرقابة الدقيقة والمتابعة المستمرة من مثل هذه المداخلات السلبية فى عمليات البحث العلمى. كذلك يمكن أن تؤدى عمليات النوعية من خلال المحاضرات والندوات والمؤتمرات والاجتماعات الحد من التدخلات غير المبررة فى عمليات البحث العلمى.
أما التأثيرات غير المبررة الخارجية فغالبا ما تأتى نتيجة عوامل اجتماعية بيئية,….وغالبا ما تقود مشروع البحث إلى الفشل. ويمكن الحد من التأثيرات السلبية للمداخلات البيئية عن طريق التوعية من خلال وسائل الاعلام الجماهيرية المناسبة…. مع أن نتاجات مثل هذه الجهود تحتاج إلى فترات زمنية طويلة…. كذلك يمكن الحد من التأثيرات البيئية غير المبررة عن طريق اللجوء إلى الحماية القانونية. كذلك يمكن أن تمارس التأثيرات غير المبررة على عمليات البحث العلمى من قبل بعض القادة الاداريين مستغلين مراكزهم وصلاحياتهم الرسمية فى ابداء آراء وتوجيهات غير متخصصة….ومؤدية فى النتيجة إلى افشال المشاريع البحثية. وبالطبع يمكن الحد من مثل هذه التأثيرات عن طريق المحاضرات والندوات التى يمكن أن تنمى وعى القيادات الادارية المعنية وبالتالى تحت من مداخلاتهم غير المبررة. كما يمكن اللجوء إلى الحماية القانونية إلى حالات المداخلة غير المبررة من قبل بعض القيادات.
6-مقاومة نشاطات البحث العلمى تعتبر معوق اضافى فى الاجهزة الإدارية للدول النامية
وكثيرا ما تؤدى إلى الفشل، فالمقاومة التى قد تتجسم بصيغة رفض التعاون مع الباحثين
أو رفض تبنى وتنفيذ توصيات البحث يمكن ان تقود البحث العلمي إلى نتيجة الفشل. أما
أسباب مثل هذه المقاومات فقد تكون واحد وأكثر مما يلى:
– الاعتقاد بعدم وجود مشاكل حقيقة تستوجب تبنى وتنفيذ نتائج البحث العلمي.
– محدودية الثقة بإمكانية حل المشاكل عن طريق البحث العلمي.
– محدودية الثقة بالباحثين انفسهم من حيث المقدرة على إيجاد حلول منطقية للمشاكل.
– الاعتقاد بأن نتائج البحث العلمي يمكن أن تؤدى إلى الانتفاش من بعض المكاسب الوظيفية المحققة.
– الاعتقاد من قبل البعض أنهم اجدر واصلح من الباحثين فى حل المشاكل.
– الاعتقاد بأن منهجية البحث العلمي تصلح لحل مشاكل نظرية وليست صالحة لحل مشاكل تطبيقية.
– الاعتقاد بأن تنفيذ توصيات البحث العلمي من شأنها أن تزيد من المسؤوليات الوظيفية للعاملين.
– الأبالية تجاه احتياجات البحوث العلمية. – التصرفات غير المناسبة من قبل بعض الباحثين
والتى قد تأخذ أحد الصيغ التالية:
عدم تقديم الاحترام المطلوب للقادة الاداريين ومحاولة فرض الآراء عليهم أو تقديم تلك الآراء بصيغة غير منسقة وتمس شخصياتهم.
تكريس وقت غير كافى أو غير مناسب لأغراض اقناع القادة بجدوى البحث العلمية وبالنتائج التى يأتى بها.
عدم امتلاك الباحثين ابتداء للحماس والولاء والمقدرة الفنية المطلوبة.
o اعتقاد بعض القادة الاداريين بأن حل المشاكل يقع
ضمن مقدورهم وضمن صلاحيتهم وليس الباحثين.
عدم استعداد بعض العاملين لتغيير ما اعتادوا عليه خلال سنين خدمتهم الطويلة استجابة لآراء الباحثين.
ضعف تفهم طبيعة ومستلزمات البحث العلمى من قبل العاملين بالجهاز الادارى المعنى. بجانب غموض التوصيات وضعف برمجة تنفيذها.
وجود فاصل زمنى كبير بين وضع التوصيات من جهة وبي موعد تنفيذها من جهة آخرى….مما يقلص من الحماس المطلوب لذلك التنفيذ.
ويمكن تلخيص تلك المعوقات
التي تقف في مسيرة البحث العلمي المصري والعربي على النحو التالي: هناك معوقات علمية، ومعوقات عملية.
1)المعوقات العلمية: وتتجلى في ضعف التعاون والتنسيق البحثي، فكلٌ يدخل البحث العلمي بمفرده، فرداً، أو جماعة، أو مركزاً،..أو جامعة، أو دولة.. ويمكن تلخيص أهم المعوقات للتعاون في إحدى مجالات البحث العلمي فيما يأتي:
-1 عدم وجود إستراتيجيات أو سياسات لمعظم الدول العربية في مجال البحث العلمي.
-2 ضعف المخصصات المرصودة في موازنات بعض الدول العربية.
-3 هروب العنصر البشري من بعض الدول العربية واعتمادها على العناصر غير المدربة.
-4 ضعف قاعدة المعلومات في المراكز والمختبرات والمؤسسات الإنتاجية لبعض الدول.
-5 عدم معرفة أهمية المراكز البحثية في بعض الدول العربية.
2)المعوقات العملية:
وأهم ما فيها بالطبع ضعف الإنفاق على البحث العلمي، فمن الحقائق المؤلمة جداً أن ما ينفق على البحث العلمي في العالم العربي إنفاق ضعيف جداً، ولا يمكن مقارنته بما تنفقه الدول الكبرى .
وقد نتج عن ذلك ظاهرتان في غاية الخطورة والتدمير:
أولاهما: ضعف مستوى البحث العلمي، وقلته، وعدم إسهامه في التنمية.
ثانيهما: هجرة العلماء من العالم الثالث إلى الدول المتقدمة، وهذه كارثة أطلق عليها العلماء
(نزيف المخ البشري)، أو (هجرة العلماء).. ويضيف حمود البدر فى دراسته عن معوقات
البحث العلمى فى العلوم الاجتماعية و الانسانية انه إذا ما أردنا أن نتطرق الى العوائق التي تعترض البحث العلمي في العالم العربي وفي المجالات الإنسانية
والاجتماعية تراها تعاني من:
1- قلة المؤهلين في أساسيات البحث العلمي ومتطلبات تطبيقه.
-2 قلة الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي، وذلك نابع من عدم
الاهتمام بالبحث والاستهانة بقيمه التنموية على حياة الفرد والمجتمع.
3- المشكلات البيروقراطية التي ينجم عنها غياب قوانين واضحة لأهمية البحث
العلمي والسعي لتنشيطه ووجود هيئة وطنية فعالة تتابع ذلك.
-4 عدم وجود إمكانيات تساعد الباحثين مثل المختبرات الحديثة، والموارد البشرية، والأجهزة المتقدمة التي تنشط الباحثين وتسند طموحاتهم، كما يشمل ذلك عدم وجود بيانات متجددة عن النشاط البحثي ومن قاموا به،
وما الذي جرى تطبيقه من البحوث المنجزة.
5- عدم تسويق النشاط البحثي، وذلك بالترويج للبحوث الناجحة بين المستفيدين منها في
المجال التطبيقي في الصناعة، والتجارة، وتطوير المؤسسات والمنشآت الاجتماعية، مما
يرقى بحياة المجتمع ليلحق بالآخرين.
6- غياب الوعي لدى أفراد المجتمع بما يقود إليه البحث العلمي من فوائد وبخاصة من هم في مواقع تؤثر في
تنشيط البحث أو تثبيطه.
هذا وفى مقابل كل ما تقدم من معوقات البحث العلمى توجد توصيات لتجاوزها حيث يمكن ان يستخدم بعضها على أساس وقائى فى حين يمكن أن يستخدم البعض الآخر على أساس علاجى وكما يلى:
– جعل العاملين يشعرون بكونهم شركاء للباحثين بقدر تعلق الأمر ببرنامج البحث العلمى.
– ضمان الدعم المالى والرسمى القانونى من قبل القادرة للمشروع البحثى.
– اختزال الزيادات فى الاعباء الوظيفية التى قد تنجم عن تنفيذ التوصيات البحثية.
– محاولة عدم المساس بالمصالح الوظيفية المشروعة والقائمة للعاملين قدر الامكان.
– توظيف ومشاركة أكبر عدد ممكن من العاملين فى المشروع البحثى فى الجهاز الادارى المعنى.
– جعل التوصيات البحثية قريبة من قيم آراء القادة والموظفين والمواطنين قدر الامكان ودون التفريط بالجوانب الفنية الادارية ذات العلاقة.
– اعطاء توضيحات كافية للتوصيات البحثية كلما دعت الحاجة لذلك
– ادامة علاقات الصداقة والتعاون الوثيق بين اعضاء الفريق، البحثى، بينهم وبين القادرة الادارين والعاملين فى الجهاز الادارى المعنى
وبين الجمهور الذين يتعاملون مع ذلك الجهاز الادارى.
– جعل التوصيات البحثية بصياغات مرنة لجعلها قادرة على استيعاب التغيرات المتوقعة داخل وخارج الجهاز الادارى المعنى.
– تقديم محفزات مادية ومعنوية مناسبة للعاملين لقاء تعاونهم واستجاباتهم المتميزة مع المجهودات البحثية الادارية.
– اتخاذ اجراءات قانونية رادعة ازاء الافراد الذين يسببون اعاقة للعمليات البحثية الجارية بصدد جهاز ادارى معين.
– تقديم تعويضات مناسبة للعاملين الذين يلحقهم ضرر معين لقاء تنفيذ التوصيات البحثية واشعارهم بذلك مقدما.
– صياغة التوصيات البحثية بأبسط واوضح صورة ممكنة لتسهيل تبنيها والالتزام بها من قبل الجهاز الادارى المعنى.
المشكلات الواقعية والمتوقعة للبحث التربوى:
اوضح حسن شحاته فى كتابه البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق المشكلات الواقعية والمتوقعة للبحث التربوى والتى صنفها الى ثلاثة اقسام يمكن عرضها على النحو التالى:
القسم الأول: مشكلات المنهج العلمى:
يمكن عرض مفردات هذا القسم كما يلى:
1- افتقارالمكتبات للمراجع والتقنيات 2- غياب الأمانة العلمية لدى البعض
3- قلة المحلات المتخصصة فى التربية 4-غياب الدقة والموضوعية فى التوثيق
5- ندرة قنوات البحث المقننة 6- محاكة البحوث لبعضها موضعا ومنهجا
7- ضعف القدرة على الضبط التجريبى 8- كثرة المعلومات غير الوظيفية
9- عدم قابلية نتائج البحث للتطبيق 10- سيطرة الأرقام والإحصاءات فى البحث
11- سرعة تغيرالظواهر الاجتماعية 12- قياس متغير مستقل على متغير تابع
والملاحظ على هذه المشكلات أنها مشكلات واقعية تواجه البحث التربوى، وأنها مشكلات ملحة تحتاج إلى مواجهة للإقلال منها، وأن بعضها يمثل عيوبا شائعة فى البحث التربوى على المستوى القطرى والمستوى القومى على حد سواء تحتاج إلى وقفة ومراجعة؛ حتى يتحقق للبحث التربوى الجودة والانطلاق والتميز والارتباط بالواقع التربوى والتعليمي العربى، خاصة افتقار المكتبات للمراجع الحديثة والدوريات والتقنيات المتقدمة وشبكة المعلومات العالمية.
القسم الثانى: مشكلات محيطة بالواقع. يمكن عرض
مفردات هذا القسم كما يلى:
1- كثرة الأعباءالتدريسية 2- البيروقراطيةالإدارية وصعوبة الإجراءات
3- عدم إيمان الممارسين بأهمية البحث التربوى 4- الانفصال بين البحث التربوى وصناع القرار
5- عدم التنسيبين مؤسسات البحث التربوى 6- تقيد الحرية الأكاديمية للباحث
7- الانفصال بين البحث والواقع التعليمى 8- القصور فى تطوير برامج الابحاث التربوية
9- الاتفاق إلى لسفة تربوية واضحة 10- عدم وجود حوافز مادية أو معينة
11- عدم وجود أولويات للبحث التربوى 12- خضوع متخذ القرار التربوى للسيرة الذاتية.
والملاحظ على هذه المشكلات أنها تعكس بصدق وأمانة مشكلات حقيقية، وليست متوهمة تحيط بواقع البحث التربوى، وتحد من انطلاقه وفعاليته وقدرته على تغيير الواقع وتطويره. وجلها مشكلات ترتبط بأحادية الرؤية، وتتعامل مع الواقع البحثى باعتباره جزرا منعزلة بعيدا عن المؤثرات الداخلية والخارجية، ونحن نعيش فى قرية كونية مسامية الجدران. وقد نالت هذه المشكلات اهتماما عاليا لدى المشتغلات بالبحث التربوى وبدرجات متقاربة مؤشرا على أنها مشكلات ملحة تتصادم مع الجهود البحثية والوظيفية، والأفكار التربوية الحديثة التى تسعى إلى تشكيل المؤسسات التربوية بفكر مستقبلى إبداعى، من منظور رؤية عالمية حضارية متجددة.
القسم الثالث: مشكلات مرتبطة بحركة المجتمع يمكن عرض مفردات هذا القسم كما يلى:
1- عدم الربط بين البحث التربوى والتنمية 2- قلة الخبرة باستخدام التقنيات المتقدمة
3- غياب خطط وسياسات البحث التربوى – 4 -عدم اعداد كوادر البحث التربوى-
5- افتقار البحث للتكنولوجيا المتقدمة 6- انعزال البحث التربوى عن مناهج المستقبليات
7- غياب بحوث الفريق الممولة 8- ضعف التمويل المخصص للبحث التربوى
9- غياب النظرية النقدية عن البحث التربوى 10- غياب النماذج والأطر التربوية
11- غياب المدارس البحثية 12- فوضى المصطلحات التربوية.
والملاحظ على هذه المجموعة من المشكلات أنها تمثل صخرة تنكسر عليها موجات تطوير التعليم، وأنها تضيق الشرايين التى تضخ الأفكار الجديدة فى مسيرة التطوير، وتغمض عينيها عن التفكير المنظومى وتتمسك بالنظرة التجزيئية، بل إنها تعزل حركة التربية عن المتغيرات العالمية فى عصر تتساقط فيه المعلومات من الفضاء؛ لتقنع بفضاء البحث التربوى وخوائه فى مقابل البحث التربوى بالفضاء وشبكات المعلومات العالمية، وتعتبر التكنولوجيا المتقدمة أداة بحث وليست أساليب جديدة فى التفكير والبحث، وتحكمها رؤية ماضوية لا رؤى مستقبلية، يأتى ذلك كله فى غياب النظرة النقية عن البحث التربوى والانعزال عن مناهج المستقبليات وغياب الأطر والنماذج، والخطط والسياسات، وضعف التمويل عصب البحث التربوى.
– مشكلات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية:
عندما نتحدث اليوم عن المشكلات التي تعرقل تطور البحث العلمي أو تقلل من فرص تقدمه، يجب أن نضع في اعتبارنا أن مشكلات الأمس القريب ليست هي مشكلات اليوم بالنسبة للبحث العلمي فبالأمس القريب كان تبادل المعلومات من بين المشكلات العويصة التي تحول دون تحقيق تواصل علمي يتماشى مع الازدياد المضطرد للإصدارات العلمية المختلفة، واليوم أصبحت هذه المشكلة في الوقت الراهن غير مطروحة بفضل تطور وسائل الاتصال عن بعد Télécommunication والمعلوماتية Informatique، والظهور المتتابع للوسائط الاتصالية العديدة مثل الانترنيت. ومن جهة أخرى، بدأت قضية تمويل البحوث، التي كانت من بين القضايا التي كانت تؤرق الباحثين وتعرقل أعمالهم وتحد من مجهوداتهم العلمية، تجد بعض الحلول، بعد أن تعمقت الروابط بين البحوث العلمية والتطورات الاقتصادية والتقنية، وأصبح الزمن الذي يستغرق في المراكز البحثية يباع بأعلى الأثمان، لأنه يحقق مردودا يتجاوز مردود السلع والخدمات الأخرى.
ولكن تبقى هناك هذه الصعوبات العلمية تحتفظ بوقعها السلبي النسبي على الدراسات الإنسانية، إلى جانب استمرار صعوبات أخرى لا زالت تؤثر باستمرار على البحوث والدراسات العلمية في هذا المجال العلمي، خاصة تلك التي ترتبط بخصوصية الظواهر والمواضيع التي تتناولها هذه العلوم، وبموقع الباحث منها.
ويمكن تلخيص طبيعة
هذه الظواهر فى النقاط التالية:
1-الظواهر الاجتماعية تتسم بنوع من التفرد والخصوصية:
بحيث يحد ذلك من تعميم نتائج الأبحاث التي تجرى على قطاع بعينه، إضافة إلى تأثر ذلك (حدود تعميم النتائج) بعملية التحقق من صحة التحقيقات، زد إلى ذلك تعذر اعتماد نفس المقاربات التي برهنت على نجاعتها النظرية والمنهجية وكأداة للتفسير في بيئات بعينها.
2-تداخل الظواهر الإنسانية والاجتماعية :
وهذا التداخل يجعلن الصعب تمييز تداخلاتها ودرجة تأثير الواحدة بالأخرى، ولعل ذلك التعقيد هو الذي يبرر اللجوء المفرط للتجريد عند الرواد الأول لعلم الاجتماع.
3-أضف إلى ذلك أن المواضيع التي تتناولها قريبة من اهتمامات ومصالح وأيديولوجيات وعقيدة وتفكير الإنسان مما يؤثر على ذاتية الباحث، ويحد من التزامه بالموضوعية والحياد، خاصة عندما يتعارض ذلك مع كثير من اعتباراته الشخصية.
وتتحقق الموضوعية من خلال التناول العلمي للواقع من دون إخفاء ولو لجزء منه، مع محاولة استعباد للمؤثرات الدوافع الذاتية والخلفيات المذهبية والأيديولوجية، خاصة عند القيام بتفسير النتائج التي تم التوصل إليها. وقد أكد رواد علم الاجتماع على أهمية الالتزام بالموضوعية، خاصة منهم دوركايم الداعي إلى ضرورة التعامل مع الظاهرة الاجتماعية من الخارج، على أنها أشياء، أي يتم التعامل على أنها مستقلة عن الباحث وعن شعور الأفراد. وصعوبة تطبيق بعض التقنيات مثل ملاحظة بعض الظواهر الإنسانية أو إجراء المقابلات مع بعض المبحوثين أو في مواضيع معينة.
ويشير محمد أحمد الزعبي إذا كانت إشكالات وصعوبات البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية، تواجه كل الباحثين في كل البلدان، إلا أنها في البلدان النامية تكتسي طابعا حادا، يجد تبريره وتفسيره في:
– العراقيل الثقافية المتعلقة بجهل المبحوثين عامة والريفيين والأميين منهم خاصة بمعاني المفاهيم والمقولات
والمصطلحات السوسيولوجية، المتعلقة بالبحث،
– معالجة الباحثين للظواهر الاجتماعية في البلدان النامية بنفس الطرق والأدوات والمناهج المستخدمة في البلدان المتطورة والتي غالبا ما يكونون قد تلقوا تعليمهم وتأهيلهم فيها،
– وجود هوّة ثقافية بين الباحث (الذي غالبا ما يكون من فئة الأفندية) والمبحوث ولاسيما في المناطق الريفية،
– بعض الأعراف والتقاليد المحافظة التي تواجه كلا من الباحث والمبحوث، والتي تحول دون حرية الباحث في اختيار موضوعي البحث، وفي مقابلة المبحوثين، وفي توجيه الأسئلة، وفي إعلان نتائج البحث وذلك في ظل بعض – المحرمات المتمثلة خاصة بمثلث: الدين والجنس والفئة الحاكمة (السلطة).
إن طرحنا لهذه الصعوبات والإشكالات
المتعلقة بعملية البحث العلمي في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي، يجب ألا يعني أننا نشكك بقيمة أو فائدة هذا البحث، وإنما أردنا فقط أن نشير إلى مدى التحدي الذي يواجه الباحثين السوسيولوجيين في البلدان النامية، والذي ينبغي أن يخلق لديهم استجابة خلاقة تتناسب ومقدار هذا التحدي. حيث إن العلوم الاجتماعية والإنسانية على اختلاف أنواعها وتعدد فروعها مثلها مثل العلوم الطبيعية ، فليست الطريقة العلمية أو المنهج العلمي في البحث وقفا على العلوم الطبيعية والتطبيقية كما يظن البعض ، وإنما يمكن تطبيقها في العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة ، ولكن الاختلاف في دقة النتائج يعود إلى طبيعة المشكلات التي تواجه البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية والتي منها :
أولا:تعقد المشكلات الاجتماعية الإنسانية لأنها تتأثر بالسلوك الإنساني المعقد .
ثانيا:صعوبة الضبط التجريبي وعزل المتغيرات المتداخلة للظاهرة الاجتماعية والإنسانية.
ثالثا:تأثر الوضع التجريبي بالمراقبة والملاحظة التي يقوم بها البحث مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى تغيير في السلوك لدى الأفراد والمجتمعات موضوع الدراسة والبحث ، وصعوبة الملاحظة أحيانا .
رابعا تغير الظواهر الاجتماعية والإنسانية بشكل سريع نسبيا ، فالثبات نسبي ، وهذا يقلل من فرصة تكرار التجربة في ظروف مماثلة تماما .
خامسا: الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم
الاجتماعية والإنسانية وعدم الاتفاق على تعريفات محددة لها ، وخضوع بعض المشكلات الاجتماعية والإنسانية لمعايير أخلاقية .
سادسا:صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر الاجتماعية والإنسانية لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا أزمة البحث العلمى فى المجالات التربوية والاجتماعية والنفسية:
يجدر بنا الاشارة إلى ان أزمة النظرية فى العلوم الانسانية تمثل المدخل المباشر والطبيعى الذى من خلاله يمكن إلقاء الضوء على ما يعترى البحث فى الانسانيات من أزمات، وما يقابله من مشكلات تعوق تحقيقه لأهداف وبعامة، يمكن التأكيد على أن أهم مصادر أزمة النظرية وتكوين النظرية ترتبط بالتوجه النظرى والبعد عن ادراك الواقع التربوى أو الاجتماعى أو النفسى ادراكا والمبالغة فى تجزأة ذلك الواقع والتحيز لواقع ما مفروض بجانب زيف الوعى بمجال العلم وموضوعه ونظريته ومنهجه وهى جميعا نتاج لواقع انسانى مرتبط بالظروف
الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتربوية. وتتمثل ملامح هذه الأزمة فى النقاط التالية
1- الملامح الاساسية للأزمة فى محيط العلوم الانسانية ما يرتبط بمعوقات تطبيق المنهج العلمى فى دراسة هذه العلوم:
حيث ما زالت تعانى هذه العلوم من الانفصام بين البحث والنظرية، مما ينعكس فى وجود نظريات تربوية أو اجتماعية أو نفسية عامة متعددة ومتضاربة على عكس الحال فى العلوم الفيزيقية والبيولوجية. ومما ينجم عنه أيضا عدم اسهام البحوث التربوية فى بلورة نظرية تربوية صادقة، وتتسم بالعمومية.
2- تعانى العلوم الإنسانية من انفصام بين البحث التجريبى من جهة والنظرية من جهة أخرى، على عكس الموقف فى العلوم الطبيعية الأخرى:
فهناك بين التربويين أو علماء الاجتماع أو من يعملون فى مجال علم النفس من إقتصر عملهم على مجرد جمع وقائع جزئية عن بعض مشكلات هذه الميادين ومظاهرها، دون أن يؤدى ذلك إلى صياغة نظرية تتسم بالعمومية، وبعامة، فإن عدم الاسترشاد عند جمع الوقائع بنظرية عامة، يجعل هذه البحوث عديمة القيمة، أو قليلة القيمة على أحسن تقدير بالنسبة لتطور المعرفة العلمية فى مجالات العلوم الإنسانية. وهناك فريق آخر من العلماء فى مجال العلوم الإنسانية قد يقومون بصياغة نظريات عامة إلا أن هذه النظريات عامة، إلا أن هذه النظريات تتصف بالصيغة التأملية أو المكتبية دون أن تعتمد هذه النظريات على وقائع تمت ملاحظتها والتأكد من صحتها، ودون اختبار لما تتضمنه هذه النظريات من تعميمات واستنتاجات، ويمكن أن نطلق على الفريق الأول أصحاب الامبيريقية أو التجريبية المتجزئة. وعلى الفريق الثانى أصحاب اتجاه النظريات المتضخمة ويتسم كل من الاتجاهين السابقين بالعقم، إذ أن كل منهما يؤدى إلى عرقلة نمو العلوم الإنسانية ويعوق الوصول إلى الفهم العلمى السليم للمشكلات الموجودة فى مجالات العلوم الإنسانية. تأسيسا على ما تقدم، يمكن تمييز اتجاهين أساسيين أمام الباحثين فى مجالات العلوم الإنسانية، وهما كما يلى:
– نمط من الأمبريقية الجزيئية الفجة تتوجه إلى الواقع مباشرة لدراسة مقطع منه بعد عزله عن بنائه وعن سياقه التاريخي، بدعوى أن التحرر من كل التصورات المسبقة، يمكن أن يساعد فى فهم أفضل، ودراسة أكثر حيادا لهذا الواقع، ويعنى مثل هذه التوجه، أن عقل الباحث، عند شروعه فى الدراسة، خاوى من كل فكر ومن كل خبرة ومن كل مصلحة، كما يعنى أن الواقع شئ بسيط جدا، سلس جدا، من اليسير على الباحث اداراكه وفهمه بمجرد ملاحظته، بواحدة من تلك الأدوات الشائعة الاستخدام فى البحوث الجارية، كما يعنى أن تجزئة الواقع ودراسته بالقطعة، تقضى إلى فهم الكل، إذا ما جمعت أكوام بيانات الأجزاء المدروسة فوق بعضها، أو بجوار بعضها.
– نمط الامبيريقية الموجهة يعدد من الافكار،المأخوذة من هذا الاطار النظرى أو ذلك، أو من نتائج هذا البحث أو تلك الدراسة،
بيد أن ما يدعو للقلق حقاً هو الأزمات التنموية العديدة التي تمر بها مصر ، سواءاً علي المستوي الإقتصادي أو الأمني أو العلمي ، وهي أزمات لم تولد مع الثورة كما يدعي بعض المخذلين ، ولكن ولدت في حقيقة الأمر في ظل نظام عابث لا يعبأ بمصلحة الإنسان المصري ولا يهتم إلا بمصالح رجاله الشخصية ، وجعلت هذه الأزمات مصر تفقـد خط سيرها في طريق التنمية المستدامة الذي قطعت فيه العديد من الدول الأخري شوطاً جباراً خلال العقود الثلاثة الماضية. إن البحث العلمي يعتبر واحداً من أهم المجالات التي فشل النظام السابق في وضع تصور لتطويرها لتتواكب مع المستجدات العالمية ولتحقق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة للألفية الثالثة ، ويمكن القول – بالكثير من الواقعية – أن البحث العلمي في مصر يعاني حالياً من أزمة كارثية تهدد مستقبل مصر علي كل المستويات. هذا المقال يقدم وصف لأهم أعراض أزمة البحث العلمي في مصر ، وتشخيص لأسبابها. من الضروري للغاية أن يكون هناك معايير واضحة لتقييم البحث العلمي في مصر حتي نتمكن من تشخيص ومعرفة أبعاد الأزمة العلمية التي تمر بها البلاد ، وعادة ما يقيم أداء البحث العلمي لدولة ما بمعيارين : الأول والأهم هو عدد براءات الإختراع التي تسجلها تلك الدولة سنوياً ، والثاني هو عدد البحوث العلمية التي يتم نشرها في دوريات (مجلات) علمية متخصصة ومحكمة سنوياً ، فبهذين المعيارين يمكن تقييم أداء دولة ما – بمقارنتها بدول أخري – بالنسبة للبحث العلمي ، وإذا أردنا اختيار عدد من دول لمقارنة مصر معهم بالنسبة للبحث العلمي ، فيجب أن نختار دول تشترك مع مصر في قيمة الدخل القومي حتي يكون هناك معني حقيقي للمقارنة ، وحتي نستطيع أن نتعرف – بشكل مقارن – علي مستوي البحث العلمي في مصر.
في عام 2009 كانت قيمة الدخل القومي المصري 182.23 بليون دولار ، وهو يقترب جداً من الدخل القومي لكلِ من ماليزيا وسنغافورة في نفس السنة ، فماليزيا بلغ دخلها القومي 193 بليون دولار ، وسنغافورة 182.3 بليون دولار ، أي نفس الدخل القومي المصري تقريباً ، طبقاً لإحصائيات البنك الدولي. فإذا نظرنا لعدد براءات الإختراع الدولية التي سجلت في مصر في نفس العام سنجد أنها 321 براءة اختراع ، بينما ماليزيا سجلت 2086 براءة ، وسنغافورة سجلت 5609 براءة في نفس العام طبقاً لاحصائيات المؤسسة العالمية للملكية الفكرية. أي أن أداء البحث العلمي في مصر كان أقل من نظيره في ماليزيا حوالي ستة مرات ومن نظيره في سنغافورة حوالي سبعة عشر مرة !! أما بالنسبة لعدد البحوث العلمية المنشورة في دوريات علمية محكمة ، فأداء مصر كان أفضل نوعاً ما ، حيث نشرت الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية 7411 بحثاً في كل أفرع المعرفة خلال عام 2009 ، بينما نشرت الجامعات والمؤسسات البحثية الماليزية 9814 بحثاً ، ونظيرتها السنغافورية 11,826 خلال نفس العام ، طبقاً لقاعدة بيانات SCImago.
إذن يتضح لنا أن مصر في أزمة كارثية للبحث العلمي ، خاصة بمراقبة المعيار الأهم لتقييم البحث العلمي وهو عدد براءات الإختراع ، وتكمن أهمية هذا المعيار في أنه يعبر عن الفرص المتاحة أمام الإستثمارات الصناعية في استغلال براءات الإختراع المسجلة في مصر لتحقيق تقدم نوعي في مجال الصناعة ، بينما يعبر عدد البحوث المحكمة فقط عن نشاط الباحثين في الجامعات والمؤسسات البحثية ، أكثر ما يعبر عن علاقة البحث العلمي بالنهضة الصناعية والتنمية المباشرة.
ماهي أسباب أزمة البحث العلمي في مصر ؟؟ في الواقع يمكن تلخيص الأسباب في سببين رئيسيين الأول هو التدني الشديد للإنفاق الحكومي علي البحث العلمي ، حيث لم يتعدي هذا الإنفاق 0.2% من إجمالي الدخل القومي (أي حوالي 0.9 بليون دولار) خلال عام 2009 ، بينما أنفقت سنغافورة حوالي 2% من قيمة دخلها القومي علي البحث العلمي في نفس السنة (أي حوالي عشرة أضعاف الإنفاق المصري) ، وأنفقت ماليزيا حوالي 0.61% من دخلها القومي (أي حوالي ثلاثة أضعاف الإنفاق المصري) ، طبقاً لإحصائيات مؤسسة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.
أما السبب الثاني لتدهور البحث العلمي في مصر هو الإنخفاض في حجم الإنفاق علي التعليم الحكومي ، حيث لم تتجاوز ميزانية التعليم في مصر 3.7% من إجمالي الدخل القومي في عام 2009 ، بينما بلغ الإنفاق علي التعليم الحكومي في ماليزيا 5% من إجمالي الدخل القومي ، وفي سنغافورة تعدي حجم الإنفاق علي التعليم 3.2% من إجمالي الدخل القومي ، ولكي ندرك فداحة مشكلة الإنفاق علي التعليم الحكومي – التي قد لا تكون واضحة بالأرقام السابقة فقط – يجب أن نأخذ في الإعتبار التباين الشاهق في عدد السكان بين الدول الثلاث ، حيث يبلغ في مصر حوالي 85 مليون نسمة ، وفي ماليزيا حوالي 26 مليون نسمة وفي سنغافورة حوالي 4.5 مليون نسمة فقط ! إذن متوسط نصيب المواطن المصري من ميزانية التعليم لا يتعدي 80 دولار سنوياً ، بينما يبلغ نصيب المواطن الماليزي من ميزانية التعليم 372 دولار سنوياً ، والمواطن السنغافوري 1300 دولار سنوياً ! ياله من فارق مخيف !! إذن ماهي الخطوات والآليات اللازمة للتعامل مع أزمة البحث العلمي في مصربما يضمن وضع مصر علي طريق التنمية المستدامة والتطور العلمي مرة أخري…؟! هذا ما أجيب عنه في المقال القادم إن شاء الله…أن البحث العلمي لا تكفيه الأجهزة ولكن أن يعمل هذا البحث في حرية كاملة، وأن يرعي البحث مناخ ديمقراطي ونوع من العدالة فهذا هو المحك الحقيقي والمسألة ليست إمكانيات تكنولوجية وإنما من خلال ضمان استمرارية هذا البحث العلمي. أن ميزانية مصر للبحث العلمي لا تكفي إلا أن تكون لرواتب الباحثين فقط وليس من أجل بحث علمي يفيد ويطور المجتمع المصري مما أدي الي تحول الأبحاث الي دراسات كلاسيكية لا تحمل جديدا وأغلبها شكل واحد وتقليدي ولا يعطي استمرارا وتطورا في المجالات المختلفة في المجتمع. ـ ضعف البحث العلمي الي ضعف الإمكانيات في الداخل فالباحث يصرف علي دراسته من راتبه الخاص فيما يوجد في الخارج اتفاقيات من أجل التطوير في مستقبل الدولة العلمي والنظري، وتحديدا أن الابحاث العلمية في انعزال تام عن المجالات العلمية والعملية أو حتي الابحاث النظرية وهذا يرجع إلي أن الاعوام الماضية لم تكن هناك خطة محددة للأبحاث العلمية مدرجة بخطة الدولة فالابحاث التي تنفذ لا تنطبق لضعف رواتب الباحث وكذلك لضعف البحث العلمي نفسه. ـ أن فوائد البحث العلمي الزراعي ومشتقاته تنبع أساسا من نتائجه واختلافه عن الانواع الأخري من البحوث بتميزه باعتماده علي الطريقة العلمية في انتاج وتطوير المعلومة حيث يوجد 14 مركزا بحثيا علميا تابعا لأكاديمية البحث العلمي ينفق عليها سنويا نحو 200 مليون جنيه أي ما يعادل “0.03” و219 مركزا بحثيا علميا تابعا ودراسات بالوزارات و114 مركزا بالجامعات بلغت استثمارات البحث العلمي بها نحو 18 مليار جنيه لمشروعات البحث العلمي التابعة للقطاع الحكومي والهيئات الاقتصادية. ضآلة ميزانية البحث العلمي الزراعي في مصر والسبب أن أي بحث جاد في القطاع الزراعي لابد أن تكون له تكلفة وهي ليست بسيطة بل عالية جدا وتأتي الميزانية من مصدرين اما من الحكومة أو القطاع الخاص المستفيد من انتاج البحوث، وميزانية البحث العلمي الزراعي هامشية لا قيمة لها ولا يوجد في ميزانية الدولة أي مبالغ حقيقية للبحث العلمي الزراعي واذا وجدت هذه الأرقام فقط تعطي أجور العاملين كموظفين أما ما نقصده بتشغيل البحث العلمي الزراعي وهذا غير موجود فهو يحتاج إلي تجارب وكيماويات وأدوات وأجهزة وهذا بعيد عن الواقع العلمي تماما فالمصدر الثاني لتمويل البحث العلمي الزراعي القطاع الخاص و90% من نسبة المساحة الزراعية عبارة عن مساحات صغيرة مفتتة في أيدي مزارعين لا يعرفون شيئاً عن البحث الزراعي ولا يستطيعون القيام بالبحث الزراعي والنسبة الباقية غير مؤمنة بقيمة البحث الزراعي وهي فئة كبار المزارعين اذن ليس هناك طلب حقيقي علي البحث العلمي الزراعي بعكس الدول الأوروبية المتقدمة هي التي تسعي للجامعات وتقوم بالتمويل، والحل الأمثل لهذه المشكلة هو عمل خطة بحثية علي مستوي الدولة وتحدد الأولويات ويجب العمل بها في البحث العلمي ثم توضع ميزانيات حقيقية والتطبيق علي المستوي الحقلي والجاد في التطبيق الواقعي فالحل من طرفين ويتبع تنفيذ الخطة من طرف أجهزة البحث ومن طرف الحكومة لتوفير هذه الميزانية ولكن بدون ميزانيات بحثية وبدون عمل جاد لا توجد نتيجة فلابد من تحديد المشاكل بشكل واقعي. أن معظم منتجات البحث العلمي في مصر لا يوجد طلب عليها من قبل قطاعات الإنتاج المختلفة، بالإضافة إلي تدني استفادة الصناعة من هذه المخرجات البحثية، خاصة في ظل استيراد التكنولوجيا من الخارج.
كما أشار التقرير إلي ضعف الإنفاق علي البحث العلمي حيث لا تزال النسبة تمثل نحو0.05 ٪ من إجمالي الناتج القومي، ويذهب نحو 85٪ منها كرواتب وحوافز، مشيرا إلي أن قطاع البحث العلمي في مصر يعاني انخفاض كفاءة الإدارة ، كما يعاني البحث العلمي من تدني كفاءة الإدارة في مؤسسات البحث والتطوير من حيث تطبيق مبادئ التخطيط الاستراتيجي وتفعيل موازنة الأداء والبرامج وتقدير ميزانية محددة لهذه البرامج، بالإضافة إلي معاناة البحث العلمي من ضعف الأجهزة العلمية والمعدات، وتدني المستوي التعليمي والبحثي للعديد من أجهزة البحث العلمي، خاصة أن تلك المؤسسات العلمية هي نتاج تعليم مؤسس علي التلقين.وكشف أن من أهم المعوقات التي تقف أمام ربط البحث العلمي بالإنتاج عزوف العلماء عن العمل في مواقع الإنتاج لبعض الوقت للاستفادة من الخبرات الصناعية والتعرف علي المشاكل الحقيقية عن قرب، بالإضافة إلي افتقار مراكز الإنتاج لوحدات بحثية تخدمها.وأشار التقرير إلي أن مصر جزء من النظام العالمي الذي أصبح يقوم علي التنافسية التي يدعمها البحث العلمي والتقدم التكنولوجي، مشددا علي أن حضارة مصر ستصبح في خطر إذا لم نحسن تقدير المواقف ونسعي للاندماج في النظام العلمي المبني علي التنافسية واقتصاد المعرفة. أن هناك جهدا كبيرا تم بذله في إعداد وصياغة استراتيجيات وسياسات خاصة بالبحث العلمي ولكن للأسف صاحبه بطء شديد في التنفيذ علي أرض الواقع، مما نتج عنه تأخر مصر في مشوار التنمية مقارنة بدول بدأت معها هذا الطريق وواكب هذا البطء الانفصال بين مؤسسات البحوث والتطوير والمؤسسات الإنتاجية.وأوضح التقرير عدم وجود ربط بين البحث العلمي والإنتاج لافتا إلي أن طبيعة المصريين تميل إلي الاستئثار بالنجاح موضحا أن العلاقة بين قيادات الصناعة التنفيذية ومؤسسات العلم يشوبها التوجس والحيطة،مما يقلل من فرص التعاون بين الطرفين، وحمل التقرير مسئولية الكثير من معوقات التعاون بين القطاع البحثي والإنتاجي إلي القائمين علي الإنتاج وتطويره.
وحذر التقرير من خطورة هجرة العقول المصرية مشددا علي أنها تمثل خسارة كبيرة خاصة أن هذه الهجرة تواكبت مع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وطالب التقرير بضرورة الاستفادة من هذه العقول والعمل علي استعادتها.
وأوصي التقرير بضرورة تعظيم دور العلم والتكنولوجيا في دعم الاقتصاد القومي من خلال تنفيذ المخططات الاستراتيجية وربطها بالتنمية، وأن يزيد تمويل البحث العلمي تدريجيا بحيث يصل إلي 2٪، وأن تركز الأبحاث علي الاحتياجات الوطنية، مع العمل علي توفير حوافز للبحث والابتكار، ودعم الأنشطة التجارية التي تعزز البحث والتطوير مطالبا بتبني سياسات من قبل الدولة لتشجيع الجهات الإنتاجية علي تخصيص نسبة من أرباحها لتمويل المشروعات البحثية، مقابل الحصول علي إعفاءات ضريبية، والسماح بإعارة العلماء والباحثين لمواقع الإنتاج . فإن نسبة الإنفاق الحكومي علي البحث العلمي تبلغ 0.05 ٪ من إجمالي الناتج المحلي في حين تنفق إسرائيل نحو 4.7 من إجمالي دخلها القومي علي البحث العلمي بما يوازي نحو 9 مليارات دولار. أن البحث العلمي في مصر يواجه عدة عقبات منها الإدارة والتمويل والعلماء والتسويق، لذلك فلابد من إدارة جديدة ونظرة جديدة للتمويل وتشجيع وتحفيز القطاع الخاص لتمويل البحث العلمي مثلما يحدث في الخارج، هذا بالإضافة إلي العشوائية والتشتت لمجهودات البحث، فلدينا نحو 40 مركزا للبحث العلمي في مصر، وهي إحدي المشكلات الرئيسية في الإدارة، والمطلوب أن تنضم تلك المراكز تحت مظلة واحدة وهي مظلة وزارة البحث العلمي. يتضح في ما يتصل بالإنفاق على البحث العلمي ورفع مستوى التكنولوجيا الموجودة، والذي يستخدم في قياس فاعلية عمليات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لعملية التنمية، أنّ نسبة ما ينفق على البحث العلمي قياساً إلى الناتج المحلّي الإجمالي، شهد ارتفاعاً في الأقطار العربية من 0.31 % عام 1970 إلى 0.67% عام 1990.. وعلى الرغم من هذا الارتفاع لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الأقطار العربية والمجموعات الدولية في هذا المجال. وتختلف الأقطار العربية فيما بينها من حيث حجم الإنفاق على البحث العلمي.. والملاحظ أنّ نسبة الإنفاق على البحث العلمي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لم تتعد 0.5% في الأقطار العربية كافة لعام 1992 وهي نسبة ضئيلة عند مقارنتها بمثيلاتها في السويد وفرنسا حيث بلغت 2.9 %، و2.7 % على التوالي(37).. وفي عام 1999 كانت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في مصر 0.4 %، وفي الأردن 0.33%، وفي المغرب 0.2%، وفي كل من سوريا ولبنان وتونس والسعودية 0.1% من إجمالي الناتج القومي، وتؤكد ذلك إحصائيات اليونسكو لعام 1999.
أما إحصائيات سنة 2004 لنفس المنظمة العالمية.. فتقول إن الدول العربية مجتمعة خصصت للبحث العلمي ما يعادل 1.7مليار دولار فقط، أي ما نسبته 0.3 % من الناتج القومي الإجمالي.. في حين نلاحظ أنّ الإنفاق على البحث العلمي في (إسرائيل) (ماعدا العسكري) حوالي 9.8 مليارات شيكل، أي ما يوازي 2.6 % من حجم إجمالي الناتج القومي في عام 1999. أما في عام 2004 فقد وصلت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل إلى 4.7 % من ناتجها القومي الإجمالي (38).
ويُعدّ القطاع الحكومي الممول الرئيس لنظم البحث العلمي في الدول العربية، حيث يبلغ حوالي 80 % من مجموع التمويل المخصص للبحوث والتطوير مقارنة ب3 % للقطاع الخاص و8 % من مصادر مختلفة، وذلك على عكس الدول المتقدمة و(إسرائيل)، حيث تراوح حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي 70 % في اليابان و52 % في (إسرائيل) والولايات المتحدة والدول الأخرى. ومن جهة ثانية فلقد غلبت مهمات التدريس على حملة الشهادات العالية (ماجستير ودكتوراه) في الدول العربية، وانعكس المستوى المنخفض للدعم المالي للبحث العلمي في موازنات الجامعات العربية على إنتاج البحوث، التي لم تستنفد سوى 31 % من مجموع وقت عمل الباحثين كافة.. علماً أن الجامعات تستخدم ما يزيد عن 19 % من مجموع الاختصاصيين وحملة الشهادات العليا في الدول العربية.. يضاف إلى ذلك العلاقة الهزيلة أو المعدومة بين قطاع الصناعة وعالم الأعمال من جهة، ومؤسسات البحوث الجامعية وغير الجامعية من جهة أخرى مع تركيز اهتمام الأساتذة على القيام بأبحاث بهدف الحصول على الترقيات الأكاديمية، التي لا علاقة لها بأسواق العمل(39).. والواقع أنّ البلدان العربية بصورة عامة تفتقر إلى سياسة علمية وتكنولوجية محددة المعالم والأهداف والوسائل! وليس لدينا ما يسمّى بصناعة المعلومات، ولا توجد شبكات للمعلومات وأجهزة للتنسيق بين المؤسسات والمراكز البحثية، وليس هناك صناديق متخصصة بتمويل الأبحاث والتطوير. إضافة إلى البيروقراطية والمشكلات الإدارية والتنظيمية، وإهمال التدريب المستمر سواء على الأجهزة الجديدة، أو لاستعادة المعلومات العلمية ورفع الكفاءة البحثية.
ولا شكّ أنّ بلداناً عربية عديدة لديها كل الإمكانات البشرية والبنيوية والأكاديمية للتقدم في هذا الميدان، شرط أن تمتلك الإستراتيجية الواضحة للبحث العلمي، وأن تخصّص نسبة معقولة من دخلها الوطني على الإنفاق في مجالات البحث العلمي، وأن يكون الإنفاق موجهاً بشكل خاص على البحوث القابلة للتطبيق، وإيجاد آليات تنسيق وتعاون بين رجال المال والأعمال والقطاع الخاص من جهة، ومراكز البحث العلمي والتطوير من جهة أخرى (40).. أمّا بالنسبة إلى الإنتاجية العلمية في الوطن العربي، فالملاحظ هو حجم التفاوت في المساهمة من قطر إلى آخر.. ومن المعايير الهامة التي تساعد على إعطاء صورة عن مدى تقدم أو تخلّف البحث العلمي، نشير إلى عدد البحوث وإنتاجية الباحث.. علماً أنّ الإحصاءات المتاحة في هذا المجال ما زالت قليلة، فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ما ينشر سنوياً من البحوث في الوطن العربي لا يتعدى (15) ألف بحث.. ولما كان عدد أعضاء هيئة التدريس نحو (55) ألفاً، فإنّ معدّل الإنتاجية هو في حدود (0.3) وهووضع يرثى له من حيث الإمكانات العلمية والتكنولوجية في مجال الإنتاجية العربية، إذ يبلغ (10 % من معدلات الإنتاجية في الدول المتقدمة) (41).. وقد أشار أنطوان زحلان(42) إلى أنّ العلماء العرب أسهموا في الأقطار العربية بنحو ثمانية آلاف بحث علمي في عام 1996 للمجلات الدولية المحكمة. وهو رقم يزيد عمّا أنتج في البرازيل، ويبلغ (60) % مما أنتج في الصين، و(50) % مما أنتج في الهند، ويزيد بنسبة (30) % عمّا نشر في كوريا الجنوبية خلال العام نفسه.. في حين كان إجمالي البحوث العلمية العربية في عام 1967م (465) بحثاً، أي أن زيادة حصلت قدرها تسعة عشر ضعفاً في عدد البحوث خلال الثلاثين سنة الماضية.
أمّا في الكويت والسعودية على سبيل المثال فقد بلغت الزيادة حوالي مائتي ضعف، وأنّ معدّل البحوث المنتجة بالنسبة إلى الفرد الواحد في كلا القطرين يضاهي الآن هذا المعدّل في دول (النمور الآسيوية). كما أن أقطار مجلس التعاون الخليجي (التي يبلغ سكانها نحو 5 % من سكان الوطن العربي)، هي الآن في المقدمة في ميدان النشر في الوطن العربي، بل إنّ هذه الأقطار فاقت مصر في عام 1989 (والتي يبلغ سكانها 20 % من سكان الوطن العربي) وذلك للمرة الأولى.
وأن إنتاج السعودية وحده ازداد من نحو(5) % من إنتاج مصر في عام 1975 إلى (70) % منه في عام 1995. وعموماً يبلغ الإنتاج العلمي للوطن العربي الآن (72) % من إنتاج (إسرائيل)، وكان يبلغ (40) % منه في عام 1967.. ومع أنَّ هذا يمثّل تحسناً، إلا أنه جرى على مدى ثلاثين سنة تقريباً، ومثل هذا التقدّم العربي البطيء يشير إلى تعثّر واضح في هذا المجال حالياً، وربما كذلك بالنسبة إلى المستقبل. والفارق الرئيس بين النشاط العلمي في الوطن العربي وفي أقطار متقدمة في (العالم الثالث) كالصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل، يكمن في أنّ الأخيرة قد قامت بإنشاء منظومة قومية لنشر المعرفة في أرجاء القطر، ولم يتم بعد تطوير مثل هذه المنظومة في الوطن العربي.. بمعنى آخر أنّ الأقطار العربية لم تنتفع بعد من قوى العلم والتقانة المتقدمة إلا على نطاق ضيّق، بالرغم من الموارد المتنوعة والكثيرة التي يمكن استثمارها في هذا المجال، بل إنّ وجود اثنين وعشرين قطراً عربياً أصبح يعني أن هناك اثنين وعشرين حاجزاً أمام انتشار تقدم علمي يحقق في أحد هذه الأقطار إلى أقطار أخرى. والمشكلة حتى أكثر خطورة من ذلك، فغالباً لا يجد الباحث طرقاً مناسبة لنشر نتيجة ما توصل إليه حتى في قطره، أو القطر الذي أجرى فيه بحثه. نعم في خطر.. فإلى جانب هذه الأرقام غير المشرّفة.. فإن الوطن العربي ليست فيه قاعدة بيانات عربية عن النشاط العلمي الجاري، وليست هناك قاعدة بيانات عن هذه المعاهد أو المراكز والهيئات التي تجري البحث العلمي، وليست هناك وسائل مناسبة أو متوفرة بيسر لنشر النتائج التي يتوصل إليها العلماء أونشر خبراتهم. وليست هناك وسائل مباشرة وفعّالة لنقل الخبرة إلى المؤسّسات الصناعية العربية، أو مكاتب الاستشارات، أو شركات المقاولات العربية (43).. وانظر إلى (هجرة الأدمغة العربية) وتأثيراتها الكبيرة على عملية التنمية العربية، ولا سيما ما تسببه من خسائر مادية وعلمية للأقطار العربية. ونضيف هنا مثالاً واحداً وحسب على نوعية الكفاءات العربية المهاجرة إلى الغرب، فهناك حوالي عشرة آلاف مهاجر مصري يعملون في مواقع حساسة بالولايات المتحدة الأمريكية (44) من بينهم ثلاثون عالم ذرة يخدمون حالياً في مراكز الأبحاث النووية، ويشرف بعضهم على تصنيع وتقنية الأسلحة الأمريكية الموضوعة تحت الاختبار، مثل الطائرة (ستيلث 117) والمقاتلة (ب2) و(تي 22). كما يعمل 350 باحثاً مصرياً في الوكالة الأمريكية للفضاء (ناسا) بقيادة العالم الدكتور فاروق الباز، الذي يرأس حالياً (مركز الاستشعار عن بُعد) في (جامعة بوسطن).. إضافة إلى حوالي ثلاثمائة آخرين، يعملون في المستشفيات والهيئات الفيدرالية، وأكثر من ألف متخصص بشؤون الكومبيوتر والحاسبات الآلية، خصوصاً في ولاية (نيوجرسي) التي تضم جالية عربية كبيرة. ويُشار هنا إلى مساهمة عدد من أساتذة الجامعات المصريين في تطوير العديد من الدراسات الفيزيائية والهندسيّة في الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية، وخاصّة في جامعة كولومبيا في نيويورك وجامعتي (بوسطن) و(نيوجرسي).. وعلى رأسهم العالم المصري (أحمد زويل)، الذي مُنح جائزة نوبل للكيمياء في عام 1999، وهو الذي يعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.. وعموماً فإنّ خسارة القدرات البشريّة المتخصّصة، تفقد العرب مورداً حيوياً وأساسياً في ميدان تكوين القاعدة العلمية للبحث والتكنولوجيا، وتبدّد الموارد المالية العربية الضخمة التي أُنفقت في تعليم هذه المهارات البشريّة وتدريبها، والتي تحصل عليها البلدان الغربية بأدنى التكاليف. ففي وقت هاجر فيه أو أجبر على الهجرة! مئات الآلاف من الكفاءات العربية إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية، تدفع البلدان العربية أموالاً طائلة للخبرات الدولية (45).. الأمر الذي يحمّل المشروعات الصناعية العربية تكاليف إضافيّة (للخدمات الاستشاريّة والعمولات والرشاوى والتلاعب بالأسعار)، بنسبة تتراوح بين 200300 % مقارنة بالتكاليف الأولية، وأنّ قيمة الارتفاع في هذه التكاليف خلال خمس سنوات فقط (ما بين 1975 و1980)، بلغت 25 مليار دولار، أي أكثر من إجمالي الإنفاق العربي في مجالات التعليم والبحوث والتقانة في المدّة من 1960 إلى 1984(46) وفي بداية هذا العام (2005) أنهى أساتذة وطلاب الجامعة اللبنانية إضراباً مفتوحاً كانوا قد نفذوه على مدى شهر ونصف الشهر. ومن جملة مطالبهم زيادة الحصة المخصصة في ميزانية الدولة للجامعة اللبنانية، وتفعيل البحث العلمي.. لقد صرّح البروفيسور الفرنسي (فرنسوا جاكوب) (جائزة نوبل في الطب عام 1965) أثناء أزمة البحث العلمي في فرنسا، قائلاً: (من المؤسف أن العلم لا يهم عالم السياسة)! فماذا نستطيع نحن أبناء العالم الثالث أن نقول عن اهتمام السياسيين بالقطاع البحثي، فلعل ناقوس الخطر حول أزمة البحث العلمي والذي تقرعه الدول المتقدمة! يلفت انتباهنا إلى ما نعانيه نحن في هذا الشأن، ونقدم على معالجة الأزمة قبل أن تستفحل.. وبغض النظر أحيانا، عن تعارض المنطلقات النظرية، للأفكار التى جمعت من هنا وهناك.
وفىهذا المجال يهمنا أن تلقت النظر إلى ما يلى:
– أهمية “الكلية، فى مجالات العلوم التربوية أو الاجتماعية أو النفسية موضوعا، ووجهة نظر، والابتعاد عن العلوم الجزيئة، التى يعنى كل منها.
– تناول المشكلات والظواهر التربوية أو الاجتماعية أو النفسية تناولا متكاملا دراسة وتشخيصا وتحليلا وتفسيرا، ويتطلب ذلك بصفة أساسية الاهتمام بتاريخ المشكلات والظواهر وجذورها وفحص كافة تغيراتها بداية من تكوين أفكار مبدئية عنها فيها يعرف بالفروض. – ادراك متغيرات المشكلة بصورة متكاملة وبأنواعها المختلفة باعتبارها الوحدات التى يمكن للباحث ملاحظتها أثناء عمله فى الميدان فهناك المتغيرات المستقلة، “التى تؤثر فى غيرها”، والمتغيرات التابعة “التى تتأثر بغيرها… والأولى هى السبب والثانية هى النتيجة وما بينهما يعرف بالمتغيرات الوسيطة “التى تتوسط العلاقة بينهما”، وأحيانا يطلق عليها المتغيرات الضابطة.
– الاهتمام بالفروض فى دراسة المشكلات التربوية أو الاجتماعية أو النفسية المختلفة، فيقوم الباحث بتكوين أفكار مبدئية عن المشكلة موضوع الدراسة. وكلما كان الباحث ذو خبرة كلما استطاع تكوين هذه الأفكار التى تختمر فى ذهنه عادة، ويقوم بمحاولة التحقق من صدق هذه الفروض من خلال قدرته على التصور وتوظيف المادة التى تم توفيرها والتى ترتبط بالمشكلة موضوع الدراسة والاستفادة من معلوماته السابقة فى هذا الشأن.
– الاهتمام ببقية الملاحظات والوقائع وتصنيفها، وتحليلها، للتميز بين ما هو ضرورى وما هو عرضى، بجانب التمييز بين الخاص والعام، والكلى والجزئى والسبب والنتيجة، وبهذا يمكن اقامة وصف علمى، وتحليل علمى وتفسير علمى.
ويجدر الاشارة إلى الاهتمام المتزايد الحالى بدراسة المشكلات التربوية والاجتماعية والنفسية ومعالجتها معالجة موضوعية، خاصة وبعد أن زاد حجم هذه المشكلات بأنواعها المختلفة زيادة مضطردة، فقد ارتفعت معدلاتها ارتفاعا واضحا…. وحتى يمكن مواجهة هذه الظاهرة والتقليل من أحجامها ومعدلاتها ينبغى التخلى عن تناول هذه المشكلات من خلال معالجة على مستوى الأفراد، ومواجهتها من خلال التصدى بصورة شاملة لعلل الأساسية التى تنشط كافة الظروف المحدثة لها وتزيد منها…وذلك يعنى ضرورة العمل على مواجهة واقع وجذور الحياة التربوية والاجتماعية والنفسية، وضرورة تبنى تناول أية مشكلة بالدراسة بمعزل عن المشكلات الأخرى أو أية ظاهرة عن الظواهر الأخرى.
أيضا أدت الآثار والانعكاسات التى أحدثتها الثورة العلمية والتكنولوجية، والثورة فى وسائل الاتصال إلى انتقال نماذج جديدة من المشكلات إلينا، وبهذا لم تعد المشكلات التربوية أو الاجتماعية أو النفسية بأنماطها المختلفة ذات طابع محلى أو قومى فقط، بل تعدى انتشارها إلى النطاق الدولى بما يعنى ظهور مشكلات تربوية واجتماعية ونفسية جديدة وواردة من الخارج على مجتمعاتنا مما يتطلب ونحن بصدد دراسة أية ظاهرة أو مشكلة بحثية فحص هذه الأنماط بداية وتركيز الاهتمام وتكثيف الدراسة العلمية لهذه الظاهرة لخطورتها حتى يتسنى اتخاذ الاجراءات لمواجهتها على أسس مستندة إلى قواعد علمية وليس على أساس خبرات عشوائية غير مترابطة، مع ضرورة اهتمام “بالواقع التربوى والاجتماعى والنفسى، والذى نبتت ونمت فيه هذه المشكلات ثم تصميم البحث المطلوب حتى يمكن أن ترد نتائجه إلى واقع على معاش يمكن تلمسه وتحسسه، ومواجهته إذا تطلب الأمر ذلك.
ومن المسلمات التى تجب الاشارة إليها فى هذا المجال أن عدم سلامة وصحة هذه الأسس المنهجية للدراسة العلمية يتبعه بالضرورة الحصول على ناتج فاسدة تتسم بعدم الثبات،وذلك لمن يفيد فى النهاية فى التخطيط العلمى السليم والدقيق للبرامج التى يتم تصميمها فى هذا المجال.
الصعوبات التي تواجه الباحث العربي في مجال البحث العلمي:
تذكر فاطمة حبيب فى دراسة لها بعنوان الصعوبات التى تواجه الباحث العربى فى مجال البحث العلمى إن الباحث العربي يواجه مجموعة من الصعوبات تتمثل في:• قلة الدعم المادي والمعنوي.• نقص الدعم الاجتماعي. عدم تفعيل الناتج العلمي لخدمة المجتمع والاقتصاد.• عدم وضوح الرؤية فيما يخص الأبحاث المتميزة وفيما يخص تنمية المهارات والكفاءات الوطنية.
عقبات البحث العلمي
ويحدد الدكتور العمري العقبات التي يواجهها البحث العلمي في عالمنا العربي وهي “عدم توفر الشعور والحس الوطني لدى صانع القرار وأفراد الشعب بأهمية البحث العلمي في تطور وتقدم الأمة، ويكاد البحث العلمي يكون شبه مهمل في التخطيط وإعداد الموازنات، ونتيجة للأوضاع السياسية غير المستقرة في الكثير من الدول العربية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي فإن أغلب الإنفاق في دولنا يتوجه لمجالي الأمن والتسلح، ومشكلة أخرى تواجه البحث العلمي هي النقص في الحريات، والمواطن العربي هو الأقل استمتاعاً بالحرية مقارنة مع مناطق العالم السبع والقيود الموضوعة على الباحث العربي بالذات تجعله مكبل اليدين وتحد من إبداعه وقدرته على الاختيار. “ومن العقبات نقص المعرفة وضعف القاعدة التعليمية الأساسية في العالم العربي، والتي يفترض بها أن تدعم البحث العلمي، ويكفي أن نعلم أن أكثر من 65 مليون عربي يعانون من الأمية الأبجدية، والمصيبة تتعاظم عندما نضيف إليها الأُميّة الثقافية التي يعاني منها أكثر من مائة مليون عربي. أن من العقبات الرئيسية في مجال البحث العلمي أنه لا يزال يعتمد اعتمادا شبه كلي على الدعم الحكومي الرسمي الذي لا يكاد يذكر أصلا، بينما يساهم القطاع الخاص بما لا يزيد عن 5 % من إجمالي ما ينفق على البحث في العالم العربي، أما في الدول المتقدمة فإن القطاع الخاص هو الممول الرئيس للأبحاث (أكثر من 50 % )، ويكفي أن نعلم أن شركة واحدة مثل شركة فايزر الدوائية الأمريكية تنفق على الأبحاث أكثر من 8 مليارات دولار سنويا، وهو ما يزيد على ميزانية بعض الدول العربية مجتمعة، وأهمية هذه النقطة بالذات أن القطاع الخاص لديه مرونة أكثر في اتخاذ القرار، ويعكس احتياج الناس والسوق أفضل بكثير مما يعكسه القطاع الحكومي، والذي في الغالب يجعل من الاعتبارات السياسية والأمنية والشخصية العامل الأول في تحديد وجهة الباحثين العلمية. “ومن العقبات أيضا عدم وجود مراكز متخصصة للبحث العلمي، وأغلب الأبحاث في العالم العربي تتم في الجامعات والكليات والمعاهد الأكاديمية المختلفة، ومع أن المفترض في الأكاديميين هو التفرغ للبحث العلمي إلا أن أوضاعهم المالية السيئة جعلت الكثير منهم مشغولا بتحسين أوضاعه المادية أكثر مما هو مشغول بالبحث العلمي، فإذا أضفنا إلى ذلك أن أكثر الجامعات عندنا لا توفر أي ميزانية للبحث العلمي، في نفس الوقت الذي ربطت فيه الترقيات لأعضائها الأكاديميين بمقدار ما ينجزونه من بحث علمي، فلا نستغرب اختيار أغلب الأكاديميين لتلك النوعية من الأبحاث التي لا تستغرق الكثير من الوقت ولا تكلف الكثير من المال لتكون النتيجة امتلاء الكثير من أرفف المكتبات بنوعية رديئة من الأبحاث التي لا يمكن الاستفادة منها أو تطبيقها على أرض الواقع. العقبات التي يعاني منها البحث العلمي في عالمنا العربي في تضخيم الأنا عند الباحث العربي، وعدم التفاعل ضمن فريق عمل كبير، وفي الوقت الذي تعمل فيه مراكز الأبحاث في العالم المتقدم على شكل مجموعات بحث متخصصة، بل وفي كثير من الحالات أصبحت الأبحاث تتم على شكل مجموعات دولية، بحيث يشترك في نفس البحث أكثر من فريق بحث في أكثر من دولة، فما زال الكثير من الباحثين العرب يفضل أن يقوم بالبحث وحده حتى لا يظهر على الغلاف غير اسمه، والغريب أن نظام الجامعات لدينا لا يزال يشجع هذا المسار، إذ يجعل من شروط الترقية أن تحمل بعض الأبحاث المقدمة للترقية اسم باحث واحد فقط، وهي سياسة غريبة ناتجها الوحيد هو نوعية من الأبحاث الرديئة والضعيفة، وأخيرا ما يثير الإحباط لدى الكثير من الباحثين العرب الجادين هو أن إنتاجهم العلمي بدلا من الاستفادة منه وتطبيقه على أرض الواقع، ينتهي إلى رفوف المخازن والمستودعات. مقترحات للإصلاح أن حل إشكالية البحث العلمي في العالم العربي لا يمكن أن يتم في يوم وليلة، نظرا لضخامة المشكلة، ولكن من الممكن اتخاذ عدد من الخطوات التي قد تساهم في دفع البحث العلمي للأمام, ومن أهمها أن يكون البحث العلمي من أولوياتنا السياسية والوطنية، وأن يستشعر الجميع أهميته سواء على مستوى السلطة أو الشعب, وإن تقدمنا وتطورنا مرهون بمقدار ما نصرفه على العلم والعلماء، ونوفر الدعم المعنوي والمادي لهم في مهمتهم, بدءا بتحسين أوضاع الباحثين العرب المادية، وتفريغهم بالكامل لمهمة البحث العلمي، وتوفير الدعم المالي المناسب لأبحاثهم. تخصيص جزء من ميزانية الجامعات للبحث العلمي، وتسهيل أمور التواصل بين الباحثين والعلماء في هذه الجامعات, ليس على مستوى البلد الواحد فقط، بل على مستوى القطر العربي، بل وحتى على المستوى الدولي، حتى يتم تبادل الخبرات بشكل مناسب مما سيسهم دون شك في تطوير البحث العلمي. ومن الحلول التي قد تساعد في تحسين نوعية البحوث وملاءمتها للواقع، أن توجد هناك قناة للاتصال بين المؤسسات الحكومية والخاصة من جهة، ومراكز الأبحاث في الجامعات من جهة أخرى، بحيث تمرر هذه المؤسسات احتياجاتها البحثية لمراكز الأبحاث، وتتولى في نفس الوقت توفير جزء من الدعم المالي لهذه الأبحاث باعتبارها المستفيدة منها، والقطاع الخاص بالذات يجب أن لا يستخسر أي أموال يدفعها في مقابل البحث العلمي، لأنه لو أحسن الاستفادة من هذه الأبحاث في تطوير أعماله، فسوف يجني أضعاف أضعاف ما خسره فيها، كما هو حاصل في الدول المتطورة. جامعاتنا وهدر طاقاتنا ويرى المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بن سعود الإسلامية الدكتور زيد بن محمد الروماني أن المشكلة تكمن بداية في بعض الجامعات والكليات والأقسام العلمية والباحثين الذين لا يحسنون اختيار موضوعات الماجستير والدكتوراه وإيلائها العناية الفائقة بل المهم لديهم تسجيل الموضوع أيا كان، واختيار الموضوع المستهلك غير المفيد عمليا وتطبيقيا هو السبب الأساس في حفظه بعد الانتهاء منه في الأدراج وعدم الاستفادة من نتائجه وتوصياته. أن لدى الجامعات أبحاثا ودراسات ومشروعات قدمها ومازال يقدمها طلاب المرحلة الجامعية غاية في الأهمية، بعضها دراسات وصفية نظرية، وبعضها الآخر مشروعات عملية تطبيقية، لكن وصفها بالبحوث الطلابية جعل مآلها الرمي والإتلاف بعد رصد الدرجات وهذا بالطبع هدر للطاقات والجهود والمواهب والإبداع. أن يخضع مبدأ تسجيل موضوعات رسائل الماجستير والدكتوراه للجنة مركزية تضبط هذه الموضوعات بأوليات المجتمع وحاجة سوق العمل واهتمامات الأمة، مع العناية الفائقة بالدراسات التطبيقية الواقعية على مؤسسات وإدارات ووزارات ونشاطات الدولة، وأن تتولى لجنة إعلامية خاصة بالجامعات نشر نتاج هذه الرسائل الجامعية (الماجستير والدكتوراه) عبر الوسائل الإعلامية التقليدية والتقنية، وأن تقوم الجامعات عبر عمادات الدراسات العليا بإعداد كتب دورية تشتمل على موضوعات الماجستير والدكتوراه وملخصات لها تنشر وتوزع ويتم تداولها مع الجامعات ومراكز البحث ومعاهد التدريب”.مراكز لخدمة المجتمع
أن المشكلة تتمثل في عدم الارتباط بين البحث العلمي في الجامعات وبين احتياجات المجتمع نتيجة غياب الآليات المنظمة للعلاقة بين البحث العلمي والمجتمع مما يهدر جانبا مهما من الثروة الوطنية ويجعل الدراسات العليا تتم في موضوعات بعيدة تماما عن احتياجات المجتمع، ويؤكد السجيني أن منظمات الأعمال لا تتعامل بشكل عملي وعلمي مع المشاكل التي تواجهها وليس لديها تحديد لاحتياجاتها من البحوث والتطوير، رغم أن الجامعات السعودية تمنح عشرات الدرجات العلمية كل عام دون أن يرتبط ذلك بتحقيق التنمية الشاملة، يقول “نحن نحتاج إلى إيجاد آلية للربط بين مجتمع الأعمال والجامعات، أو من خلال ربط الغرف التجارية الصناعية كممثل لمجتمع الأعمال مع الجامعات، وكذلك من خلال إنشاء الجامعات لمراكز تسمى “مراكز خدمة المجتمع” تتولى بحث مختلف المشاكل التي يعاني منها المجتمع بقطاعاته المختلفة، وتكون لديها قاعدة بيانات بالبحوث السابقة والبحوث الحالية المسجلة في الجامعات السعودية، كما يمكنها تحديد موضوعات مقترحة للبحث يمكن طرحها على طلاب الدراسات العليا لتكون موضوعات لدراسة الماجستير أو الدكتوراه، وتتولى مراكز خدمة المجتمع تحقيق الارتباط المفقود بين البحث العلمي الأكاديمي والمجتمع”.ونظرا لأن التدريب العملي جزء رئيسي من المقررات الدراسية في مختلف الكليات، يقترح السجيني أن يتم تدريب عملي للخريجين الراغبين في اختيار موضوعات لبحوث الماجستير والدكتوراه لمدة ستة أشهر مثلا في جهة ذات علاقة بالتخصص، حتى يقف الخريج على الواقع العملي، ومن ثم يدون ملاحظاته ثم يختار موضوعا يواجه مشكلة حقيقية، ويوجد حلا لها بما يسهم في الربط بين البحث العلمي والمجتمع، ويحول دون تحول الدراسات العليا إلى مجرد حصول على الدرجة دون أي إمكانية للتطبيق ودونما استفادة للمجتمع. “يمكن لمركز خدمة المجتمع أن يتابع تنفيذ الدراسات التي تمت إجازتها من حيث تحويل التوصيات التي وصل إليها الباحث إلى برامج تنفيذية ومساعدة الجهات ذات العلاقة في التطبيق والإشراف على التنفيذ، وبحث أهم المعوقات التي تحول دون تنفيذ هذه التوصيات والتي قد تحتاج إلى تعديل في الأنظمة أو الطرق المستخدمة، وبحيث لا تتحول الدراسات العليا إلى مجرد الحصول على الدرجة العلمية، ويتحول البحث إلى كتاب ضمن كتب أخرى تضمها المكتبات، ولكن تتحول نتائج الدراسات إلى برامج عمل تدفع عجلة التطوير والتنمية الشاملة بما يعظم من الفائدة الاقتصادية ويجعل من هذه الدراسات دعامات للتقدم والتطوير”.ويقترح السجيني أن تتكفل بعض الجهات بجانب من تكلفة الدراسة أو توفر المعامل للطالب أو أماكن للتجارب التشغيلية بما يحقق التلاحم المطلوب ما بين الدراسات العليا واحتياجات المجتمع. وعن كيفية الاستفادة من البحوث والدراسات الجامعية وتحويلها إلى مشاريع وخطط تخدم المجتمع الإسلامي. فيقول رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي: “ينقسم البحث العلمي إلى قسمين:
أولاً: البحوث البحتة, وتهتم بدراسة قضايا علمية أساسية. تساعد على تطوير مناهج الدراسة والبحث والتطبيق في مراحل أخرى, وهذا النوع من البحث يهتم به أساساً الباحثون الأكاديميون وتموله الحكومات.
ثانياً: البحوث التطبيقية وتهدف في الغالب إلى تطوير منتجات أو عمليات إنتاجية قابلة للتطبيق في المدى القصير أو المتوسط, وتحظى مثل هذه الأبحاث بالاهتمام والتمويل من الحكومات والقطاع الخاص. لان الأبحاث الجامعية في معظم الدول النامية بما فيها الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تعاني من شح الموارد المالية المخصصة لها, إضافة إلى العوائق التي تواجه الباحثين في معظم الدول النامية منها صعوبة النشر وارتفاع تكلفته. ويرى الدكتور علي أن أفضل وسيلة لجعل البحوث الجامعية تجد طريقها إلى التطبيق في الواقع العملي هو أن تكون منبثقة من حاجيات محددة تطرحها مؤسسات المجتمع المختلفة فتسعى الأبحاث إلى إيجاد حلول مناسبة لها. فالباحث في المجال العلمي ينبغي أن تكون أبحاثه منصبة على معالجة مشكلات محددة تطرحها عليه الصناعات المحلية فيعمل معها جنباً إلى جنب لإيجاد الحل المناسب. وكذلك على الباحث الاقتصادي أن يسخر أبحاثه لمعالجة القضايا الاقتصادية المطروحة على المجتمع ومؤسساته وينسق معها في كل مراحل البحث للوصول إلى نتائج محددة وملموسة. وعن الدور الذي يمكن أن يضطلع به البنك الإسلامي للتنمية في هذا الصدد قال رئيس البنك الإسلامي للتنمية: ينصب اهتمام البنك على دعم الباحثين من الدول الأعضاء في المجالات العلمية وفي مجال الاقتصاد والصيرفة الإسلامية. وفي هذا الصدد أنشأ البنك برنامجاً لدعم الباحثين الشباب في الدول الأعضاء في المجالات العلمية, بالتعاون مع الأمانة العامة للكومستيك وهي اللجنة الدائمة للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس العلوم والتكنولوجيا برئاسة الباكستان. ويحرص البنك, عند اختيار المستفيدين من هذا البرنامج على أن تكون موضوعات البحث التي يختارونها ذات صلة بواقع عملي تسعى لمعالجته. كما أن البنك يقدم منحاً دراسية للباحثين المتميزين, في مجالات التقنية المتطورة, ليتابعوا أبحاثهم في جامعات مرموقة في الدول الصناعية مشترطاً عليهم أن يعودوا لخدمة المؤسسات البحثية التي ينتمون إليها في الدول الأعضاء.
الخاتمة:
إن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ، ذلك لأن المواضيع التي يتناولها البحث العلمي بالدراسة ماهي إلا محاولة جادة لإيجاد حلول للمشكلات الكثيرة والمتعددة التي تواجهنا في الحياة اليومية ، والتي تشكل عقبة في سبيل تحقيق التقدم والنجاح ، على مستوى كل الأصعدة ، من ذلك تتأتى لنا الأهمية البالغة والبارزة للبحث والتنقيب ، ليس أي بحث ولكن ذلك الذي أعد وفق قواعد وأسس تؤكد صحة وسلامة النتائج والحلول التي خلص إليها . وما ينبغي الإشارة إليه ، هو أن المنهجية ليست مجرد قواعد وخطوات علمية ، أو مجرد مجموعة من التقنيات والأساليب التي يجب أن يتبعها الباحث خلال إنجاز بحثه ، وإنما هي في جوهرها طريقة للتفكير السليم والمنطقي ، فأحرى بالطلاب والباحثين في ميدان العلمي الممنهج ، ونقصد بهذا تنظيم سير العقل بما يوافق القواعد العلمية ، ليكون لهم سندا وأساسا ينطلقون منه في إنجاز أي بحث أو القيام بأي دراسة علمية .فالبحث العلمي لا يحقق الفائدة المرجوة منه إلا إذا التزمنا في إنجازه بالمنهجية السليمة.
وخلاصة القول:
إنه يمكن للمجتمع العربى أن ينهض ويلحق بركب التقدم إذا آمن بأهمية البحث العلمى ودوره فى القرن الجديد، ومكن الباحثين الشبان من الحصول على المعلومات بعيدا عن الأسلوب البيروقراطى، وشجع الأبحاث العلمية القائمة على روح الفريق والعمل الجماعى الذى ينضوى تحت لوائه الباحثون الجادون الساعون للانضمام إلى الفرق البحثية بهمة ونشاط وسعى دائب وصبر ومثابرة، ورغبة صادقة فى خدمة البحث العلمى والمجتمع الإنسانى بصفة عامة.
المـــراجـــع
-عبدالله محمد زلطة:حلقة البحث فى الجامعات والمعاهد العليا،دار الفكر العربى،2001. -مكتب التربية لدول الخليج العربي: واقع البحث العلمي في الوطن العربي، وقائع ندوة: (تطبيق نتائج البحوث لتنمية المجتمع العربي)، مكتب التربية العربي، الرياض،1990
-حسن شحاته: البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق، مكتبة الدار العربية للكتاب،ط1، 2001.
-مجدى عزيز ابراهيم:مناهج البحث العلمى فى العلوم التربوية والنفسية،مكتبة الأنجلو المصرية،1989.
-محمدعلى محمد:علم الاجتماع والمنهج العلمى ،دار المعرفة الجامعية،ط3،1988.
-عاصم محمد الأعرجى:الوجيز فى مناهج البحث العلمى،دار الفكر للنشر والتوزيع ،ط1 ،1995.
-محمد احمد الزعبي: علم الاجتماع العام والبلدان النامية، بيروت 1991 ط2. Guy Roche: L’actionsociale, Paris, éditions HMH, 1968,p3
مواقع الانترنت:
-فاطمة محمد حبيب: الصعوبات التى تواجه الباحث العربى
فى مجال البحث العلمى
http://www.alarabimag.com
– حسن حمدان الحكيم: الواقع التعليمي والثقافي في الوطن
العربي، صحيفة الاتحاد،
،http:www.alzatari. org motamara
-محمدمسعد ياقوت :البحث العلمى
العربى معوقات وتحديات
http://www.al-jazirah.com.
-حمود البدر : معوقات البحث العلمى فى العلوم الاجتماعية و الانسانية
http://www.swmsa.net
م-مراقوت
– مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام:البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي العربي: الواقع، والمشكلات، ومتطلبات النجاح، ومقترحات التطوير
http://www.asbar.com
-محمد أحمد الزعبي: إشكالات البحث العلمي للظواهر الاجتماعية