بقلم : فازع دراوشة / فلسطين
يوم خالد بتاريخ الامة العربية الاسلامية الماجدة، هو يوم الخميس 21 آذار 1968. في ذاك اليوم حقق الانسان الفلسطيني والاردني نصرا حقيقيا فعليا بتاريخ الامة العربية الاسلامية الماجدة.
كانت الامة العربية ممثلة بجيوشها ومخاتيرها, وفي مقدمتهم زعيم الامة العربية غير المتوج, قد تلقت هزيمة ماحقة صباح يوم الاثنين الخامس من حزيران 1967 حيث ضاع من القدس ما كان لم يضع منها سنة 1948, وضاعت ما كانت تسمى الضفة الغربية, وضاعت الجولان وضاعت سيناء وضاعت أراض من شرق الاردن ايضا. ومرت على الهزيمة الفضيحة التمثيلية الخيانية تسعة أشهر ونصف.
بزغ نجم الفدائيين الذين كانوا فدائئين فعلا وصاروا يتسللون للارض المحتلة من شرق النهر الى فلسطين ويقومون يعمليات مجيدة دون اعلام ودون اعلان ودون تصوير ودون فيسبوك ودون دروع ودون سيارات ودون بدلات ودون ربطات عنق ودون سكرتيرات ودون كوبونات ودون رتب ومراتب ورواتب ….الخ، كان الفدائيون الفلسطينيون ومن معهم من العرب فدائيين فعلا.
صارت اسرائيل بقيادة وزير دفاعها الذي هزم الجيوش العربية جيشا جيشا في كارثة 1967, الجنرال موشي (موسى) ديان تغير على شرق الاردن انتقاما من العمليات الفدائية المنطلقة من ارض الاردن الغالي. زادت العمليات وبما لم يرق للحكم في الاردن, فزادت الغارات الاسرائيلية.
وكان الفدائيون فدائيين فعلا.
أراد ديان ومعلمه ( ليفي اشكول رئيس حكومة العدو وقتذاك ) وضع حد لتلك العمليات بالهجوم على مناطق في الغور الاردني لاستئصال خلايا الفدائيين الفلسطينيين والقضاء عليها. حدد ديان لعنه الله صباح يوم الخميس 21 آذار 1968 موعدا للعملية معتبرا ان العملية ستكون شطحة ربيعية وقيل انه اصطحب صحفيين .
تصدى الفدائيون الفلسطينيون بقيادة المرحوم والشهيد باذن الله ياسر عرفات بكل بسالة واستلحام بمواجهة الدبابات الغازية مؤيدين باخوانهم عناصر الجيش الاردني ومدفعيته بقيادة اللواء المرحوم والشهيد بإذن الله مشهور حديثة الجازي والذي قيل انه تصرف دون انتظار اوامر من قيادته .
تخوزقت القوة الاسرائيلية الغازية وتكبدت خسائر بالارواح والمعدات وكان ذلك يوما من ايام العرب والفلسطينيين والاردنيين مشهودا . ورفض الملك حسين رحمه الله قبول وقف لاطلاق النار وأصر امام استبسال المقاتلين من اردنيين وفلسطينيين على جلاء الغزاة وهذا ما جرى.
طارت شعبية الفدائي الفلسطيني والمقاتل الاردني الى عنان السماء وجرت استعراضات في الايام التالية تمجد الحدث والمفاتلين وحدت بالملك حسين رحمه الله للقول :” كلنا فدائيون .”
ولعل ابرز الدروس المستفاة من تلك المعركة الخالدة :
- ان الاتحاد بين الشعوب العربية اذا انتفت المصلحية والمنافع الضيقة أمر ممكن .
- ان الاتحاد يحدث المعجزات, كهزيمة ” الجيش الذي لا يقهر ” , كما حلا لأصحابه أن يسموه مع المرجفين من أبناء الامة ولا سيما شعبي فلسطين والاردن .
- ان المقاتل العربي والانسان العربي قادر على المواجهة وإحداث النصر بل والتحرير ان وجد قيادة ذات ارادة وذات استعداد وذات رؤية ولم تكن كقيادات نكسة 1967 حيث كانت الخيانات وانعدام الاستعداد المزمن وتمجيد الشخوص والجهل عناوين المشهد على الجبهات جميعها .
- توق الامة لانتصار مهما كان محدودا , فما زال ابناء الشعبين الفلسطيني والاردني يتغنون بأمجاد تلك المعركة الخالدة التي نفذها العناصر بعيدا عن غرف التخطيط وما اليها ولكن الفعل الحقيقي هو الذي تسيّد المشهد .
وحتى اليوم , فإني شخصيا , وبعد قراءاتي الكثيرة عن تلك المعركة وتلك الحقبة حيث لم أكن واعيا للأمور وقتها لصغر سني فلم اكن قد دخلت المدرسة بعد , أحترم سردية هذا الطرف للحدث إن أنصف الطرف الاخر ولم يحتكرها له ( ولا احترم بتاتا الطرف الذي يسرد الاحداث متجاهلا الطرف الاخر أو مهمشا دوره )؛ فالمكونان الباسلان لتلك المعركة هما : الفدائيون الفلسطينيون ومن رافقهم من فدائيين من غير الفلسطينيين ومنهم عرب ومسلمون وغير ذلك, وأما المكون الثاني فهو جنود من الجيش العربي الاردني . وأبلى الطرفان بلاء مشهودا قل نظيره وصنعوا جميعا معا الانتصار الاول في تلك المعركة الباسلة .
كان الفدائيون فدائيين فعلا .
وبناء على ما تقدم أجزم أن ايما انتصار وايما تحرير من الاحتلال لفلسطين وسائر المحتلات العربية لن يتم الا بتوحيد الشعوب وقدراتها وانصهارهم جميعا في جسم واحد , ودعوا عنكم المخاتير والنواطير والطراطير .
كان الفدائيون فدائيين فعلا .
التحية لكل من ساهم بتلك المعركة النبيلة وظل كما كان يومها ولم يتلوث بأمور غير التي كان يؤمن بها. وتحية لكل اردني اشترك بتلك المعركة وساهم بصنع نتيجتها. والتحية لكل عربي ومسلم كان في ذلك المعمعان الجميل . ورحم الله الشهداء ومن مات بعد ذلك ممن صنعوا تلك الصفحة المجيدة والماجدة وفي مقدمتهم البطلان ياسر عرفات ومشهور حديثة الجازي .
كان الفدائيون فدائيين فعلا .