مسؤولية المدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة في النظام السعودي
محمد جلال عبد الرحمن
لقد شهد المجتمع السعودي تطورًا كبيرًا وملحوظًا في الاعوام الاخيرة في مختلف مجالات الحياة على كافة الاصعـدة سـواء اجتماعية أو اقتصادية، كما لوحظ تزايد عدد السكّان تزايدًا كبيرًا وهذا الامر يؤدي إلى تغير وتطور نوعي في المنازعات الحقوقيـة الناتجة عن ذلك.
لا سيما وأن مزاولة مهنة التجارة لا يقتصر على الافراد بل يزاولها أيضًا جماعات من الاشخاص في شكل قانوني هـو شركة تجاريـة، بسبب توسع وتنوع المشاريع التجارية والصناعية التي لا يقوى الافراد على النهوض بها ولما تتطلبه من مجهودات عظيمة وأحوال كثيـرة.
وتعد الشركات ذات المسؤولية المحدودة من أكثر الشركات انتشارًا في المملكة العربية السعودية لأنها تحتاج إلى إجراءات أقل تعقيدًا وأقل قيودًا بالمقارنة مع بقية أنواع الشركات الأخرى وكذلك لا تضمن الديون إلاّ في حدود رأس مال شركاءها وبالتالي فلا يمكنها ضمان حقوق الغير من الدائنين إلاّ في حدود رأس مالها فقط، وهذا الذي يدفع الناس للبحث عن كل ما يتعلق بهذا النوع من الشركات وعلى وجه الخصوص في إطار إدارة الشركة.
والشركة ذات المسئولية المحدودة في النظام السعودي هي نوعٌ من الشركات التي لا يتعدى عدد الشركاء فيها الخمس وعشرون وذمتها المالية مستقلة عن الذمة المالية للشركاء فيها.
وقد أشار النظام السعودي في الباب الأول من نظام الشركات على أن الشركة المسؤولية المحدودة هي من الشركات المخول إنشاءها على أرض المملكة وتكون مكونة من شخص واحد أو شركاء متعددين لا يتحملون ديون و خسائر الشركة إلاّ في حدود حصتهم من رأس مالها.
أمّا عدد الشركاء فلا يجب أن يتعدى الخمسين شريكًا بالإضافة إلى أن الذمة المالية الخاصة بالشركة نجد أنها مستقلة تمامًا عن الذمة المالية للشركاء فيها وهذا على عكس ما نجده مثلًا في بعض أنواع الشركات الأخرى كشركة التضامن.
وأن المنظم السعودي لم ينص على رأس مال محدد للشركة ذات المسؤولية المحدودة، بل اكتفى بالنص فقط وعلى أن يكون رأس المال كافياً من أجل تحقيق غرض الشركة وترك تحديد مقداره للشركاء عند تأسيس الشركة ولا شك أن ذلك سوف يؤدي لسهولة تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة وهو ما نص عليه نظام الشركات السعودي حيث نص على أن: يجب بأن يكون رأس مال الشركة عند تأسيسها كافياً من أجل تحقيق غرضها .ويحدد الشركاء مقداره بعقد تأسيس الشركة، وكما يقسم لحصص متساوية القيمة” .
ويمكن للمستثمرين الأجانب امتلاك ما يصل إلى 49٪ من الأسهم في شركة ذات مسؤولية محدودة، ويجب أن يكون 51 ٪ من قبل واحد أو أكثر من مواطني المملكة، كما يمكن أن يكون مدراء الشركة (حتى 5 أشخاص) من مواطني المملكة أو المغتربين.
وفي الشركة ذات المسؤولية المحدودة، يمكن تعيين المدير في مذكرة تأسيس الشركة أو في اتفاقية منفصلة، ويمكن أن يكون تعيينه لفترة محدودة أو لفترة غير محدودة، يمكن أن يذكر أيضًا في مذكرة التأسيس أنه لا يمكن فصل المدير، في الحالة اللاحقة، لا يمكن فصل المدير إلا بالأغلبية الكاملة لأصوات المساهمين، ويحق للمدير اتخاذ أي إجراء لصالح الشركة، ما لم تكن هناك قيود بموجب القانون، حيث لا يحق للمدير بيع عقارات الشركة دون تفويض من المساهمين.
وأن مهام المدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة هي مهام متعددة وأيضًا مختلفة على حسب نوع الشركة وسوف نشير إليها فيما يلي:-
إن المدير في الشركة المحدودة يكون المسؤول الأول والرئيسي بقوة القانون عن كل الأطراف داخلها وأيضًا كافة الأمور والإجراءات التي يتم إتخاذها باسم الشركة أو نيابة عنها.
أيضًا ومن ضمن مسؤولية المدير في الشركة تلك الحالة التي يقع فيها صراع يدفع صاحبه أو أي طرف ثالث إلى المطالبة بحقه في الشركة في هذه الحالة وبدلًا من أن يعمل على مقاضاة الشركة بشكل مباشر بإمكانه أن يعمل على مقاضاة المدير بشكل مباشر وبصفة شخصية.
يتم تعيين المدير أو مديرين الشركة في الشركة ذات المسئولية المحدودة حيث أنّها تقبل إلى حدود الخمس مدراء في مذكرة خاصة بالشركة أو من خلال اتفاقية وتكون مدة التعيين محددة أو غير محددة فهو خيار مفتوح، هذا من جهة أمّا من جهة أخرى وفيما يخص المذكرة المتعلقة بالتأسيس فلا يمكن تضمينها فصل المدير إلاّ بالأغلبية المطلقة من أصوات الشركاء.
يحق للمدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة القيام بالعديد من الإجراءات والتي من بينها اتخاذ كل الإجراءات التي يرى أنها في صالح الشركة بشرط أن لا تكون مخالفة للنظام، عل سبيل المثال بيع عقارات الشركة دون حاجة لاستصدار إذن الشركاء أو تفويض منهم.
وتجدر الإشارة إلى أنه في الحالة التي لا تكون فيها حقوق المدير مقيدة بموجب مذكرة التأسيس فيحق له حينها اتخاذ كل الإجراءات التي يرى أنها في صالح الشركة، هذا الأمر دون حاجة لتوكيل خاص أو بإبرام اتفاقات و أيضا دون الحاجة لتوكيل قانوني بما أنه مدير الشركة.
وكذلك يكون المدير في الشركة المحدودة هو المسؤول و بقوة القانون عن الأطراف والشركاء في كل الإجراءات التي يتم اتخاذها باسم الشركة أي نيابة عنها.
وكذلك يسأل أيضًا المدير في الشركة تجاه كافة المساهمين في رأس مالها حيث يكون لكل شريك الاحقية قانونًا أن يعمل على التدخل ومقاضاة المدير في الحالة التي يتخذ فيها قرارات خاطئة تؤثر على الميزانية العامة للشركة أو ترتب ديونًا ضخمة عليها كما بإمكان الشركاء الدفع أمام المحاكم في المملكة العربية السعودية مطالبين بعزل مدير أو مدراء الشركة في حالة تعددهم وبطبيعة الحال يجب أن يتم الأمر بتضمين ملف الدعوى كل الأسباب التي دفعته لاتخاذ هذا القرار كي تنظر فيها المحكمة وتحكم بعزل المدير.
ومن الأمور التي يتم اللجوء لها في مختلف أنواع الشركات نجد هنالك عزل مدير الشركة والذي قد يكون لأسباب متعددة سواء لأسباب ترتبط بشخصه أو تتعلق بأسباب لها ارتباط بالشركة التي يديرها، ففي بعض الشركات يتم تعيين المدير أو المدراء الخاصين بها لفترة غير محدودة و في هذه الحالة وعند الرغبة في العزل تقوم الجمعية العامة الغير العادية بعزل و أيضا استبدال مدير الشركة، هذا الأمر يتم بقرار عام يشترط فيه موافقة ثلاثة أرباع الأصوات التي تكون حاضرة في هذا الاجتماع كما يجب أن يكون هذا القرار مسبب أي له سبب واضح و معقول، ويحق للجمعية العامة سواء في نفس الاجتماع أو غيره القيام بتعيين مدير جديد آخر سواء تم التنصيص على ذلك في جدول الأعمال أم لا.
أما في حالة ما إن تم تعيين المدير في إحدى الشركات لفترة محددة في عقد تأسيس الشركة ففي هذه الحالة فإن الجمعية العامة العادية هي التي من حقها عزله، و يتم ذلك في اجتماعها السنوي المخصص لمناقشة الميزانية والذي من خلاله يتم الإجماع سواء على التجديد مع المدير القديم أو عزله و العقد مع مدير آخر جديد و ذلك يتم بالأغلبية المطلقة على عكس الحالة التي تكون فترة تعيينه مفتوحة و غير محددة.
وبعد أن اوضحنا مسئولية المدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة وبغض النظر عن الأسباب التي يتم وراءها عزل مديري الشركة وسواء انعقدت الجمعية العامة أم لا فإن أي شريك في الشركة له الأحقية وبقوة القانون في أن يقيم دعوى أمام المحكمة يطلب من خلالها عزل مدير الشركة إن تعلق الأمر بشركة ذات مسؤولية محدودة وبطبيعة الحال يجب أن يضمن الدعوى كل الأسباب القوية والدامغة التي يريد بسببها أن يعزل مدير الشركة كي يتم الاستناد عليها من طرف المحكمة.