في إطار مساعيها لإحياء الاهتمام بالسياحة الثقافية والآثار الفرعونية، تعرض القاهرة السبت اكتشافها الجديد لمدينة “صعود آتون” التي يعتبرها مكتشفوها “المدينة الذهبية المفقودة”، والتي تم العثور عليها بمنطقة الأقصر جنوب البلاد، ويفوق عمرها ثلاثة آلاف سنة. وقال عالم الآثار المصري زاهي حواس رئيس بعثة التنقيب التي اكتشفت المدينة، إن الاكتشاف يمثل “أكبر مدينة (فرعونية) على الإطلاق في مصر”.
تعرض مصر السبت اكتشافها الجديد المتمثل بـ”المدينة الذهبية المفقودة” التي عُثر عليها أخيرا في منطقة الأقصر جنوب البلاد، ويفوق عمرها ثلاثة آلاف عام، وذلك ضمن جهودها لإحياء الاهتمام بالسياحة الثقافية والآثار الفرعونية.
وسيعرض عالم الآثار زاهي حواس، رئيس بعثة التنقيب التي عثرت على المدينة المفقودة، هذا الاكتشاف أمام الصحافيين في الأقصر السبت بعدما أعلن عنه في بيان الخميس.
وقال حواس في بيان إن البعثة الأثرية التي ترأسها “اكتشفت المدينة المفقودة تحت الرمال وكانت تسمى ’صعود آتون‘ ويعود تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث واستمر استخدام المدينة في عهد توت عنخ آمون أي منذ 3000 عام”.
وانتشر خبر الاكتشاف على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي الجمعة، مع التداول بصور وزعتها السلطات، في انتظار استضافة الصحافيين في الموقع السبت.
ويأتي هذا الكشف بعد اكتشافات أخرى أُعلن عنها خلال السنوات الأخيرة، وبعد بضعة أيام من احتفالية مبهرة أطلق عليها “الموكب الذهبي للمومياوات” أقيمت بمناسبة نقل 22 مومياء لملوك وملكات من الزمن الفرعوني، من المتحف المصري بميدان التحرير في قلب القاهرة إلى المتحف القومي للحضارة المصرية الذي شُيد في الفسطاط، وهو موقع أول عاصمة لمصر في العصر الإسلامي ويبعد بضعة كيلومترات عن ميدان التحرير.
ويقع الكشف الجديد على الضفة الغربية للنيل في الأقصر (جنوب مصر) وهي مدينة غنية بآثارها الفرعونية، مثل وادي الملوك ووادي الملكات ومتحف الملكة حتشبسوت.
“في حالة جيدة”
وتظهر الصور الموزعة من السلطات مجموعة جدران من الطوب اللبن تعود إلى عصر الملك أمنحتب الثالث، بحسب البعثة الأثرية.
وتولى أمنحتب الثالث الحكم في مصر الفرعونية في العام 1391 قبل الميلاد، وتوفي في العام 1353 قبل الميلاد.
وعُثر على قطع من بينها حلي وأوان فخارية ملونة وطوب لبن يحمل أختام الملك أمنحتب الثالث.
وبحماسته المعهودة، قال حواس في البيان إن البعثة التي ترأسها “عثرت على أكبر مدينة (فرعونية) على الإطلاق في مصر”.
وبدأ التنقيب في المنطقة في أيلول/سبتمبر 2020، وفق البيان، بين معبدي رمسيس الثالث وأمنحتب الثالث بالقرب من الأقصر على بعد 500 كيلومتر جنوب القاهرة.
وفي غضون أسابيع من بدء التنقيب “بدأت تشكيلات من الطوب اللبن في الظهور في جميع الاتجاهات فكانت دهشة البعثة الكبيرة حينما اكتشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة في حالة جيدة من الحفظ بجدران مكتملة وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية”.
ونقل البيان عن أستاذة علم المصريات بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية بيتسي بريان، وصفها للاكتشاف بأنه “ثاني اكتشاف أثري مهم بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون”.
وأفاد البيان بأن النقوش الهيروغليفية على الأواني والخواتم والطوب اللبن تشير إلى فترة الملك أمنحتب الثالث.
اكتشاف “مليء بالكنوز”
وتتألف المدينة “من ثلاثة قصور ملكية للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى المركز الإداري والصناعي للإمبراطورية”، على ما أفاد البيان.
وأشار البيان إلى العثور على مناطق عدة في المدينة المفقودة، إذ عثرت البعثة “في الجزء الجنوبي على المخبز ومنطقة الطهي”.
وكُشف بشكل جزئي عن منطقة تمثل الحي الإداري والسكني، حسب البيان، بالإضافة إلى منطقة ورشة العمل، والتي تضم منطقة إنتاج الطوب اللبن المستخدم لبناء المعابد.
كما عُثر بحسب البعثة على “دفنة رائعة لشخص ما بذراعيه ممدودتين إلى جانبه، وبقايا حبل ملفوف حول ركبتيه (..) وهناك المزيد من البحث حول هذا الأمر”.
وتتوقع البعثة الكشف عن مقابر “لم تمسها يد، مليئة بالكنوز”، في هذه المدينة.
غير أن إعلان حواس عن كشف غير مسبوق في الموقع واجه تشكيكا لدى علماء آثار آخرين.
وأشار الباحث في علم المصريات والمرشد السياحي المصري طارق فرج في منشور عبر فيس بوك إلى أن “اهتمام العلماء بهذه المنطقة بالذات بدأ منذ 1888-1889 (…) ثم ابتداء من عام 1912 حتى 1920 قامت بعثة متحف متروبوليتان (في نيويورك) بأعمال حفر كبيرة هناك وكشفت عن المدينة المفقودة أول مرة”.
وانتقد عالم المصريات ما اعتبره تجاهلا لأعمال علماء آثار سابقين، مستشهدا ببحوث أكاديمية عدة من مطلع القرن العشرين عن الموقع. وتساءل فرج “ما معنى كلمة ’ذهبية‘” في وصف المدينة بالرغم من عدم العثور فيها “على قطعة ذهب واحدة؟”.
وتسعى مصر باستمرار للترويج لتراثها الفرعوني عن طريق هذه الاكتشافات من أجل إنعاش قطاع السياحة الذي تلقى ضربات متتالية بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد عقب إسقاط الرئيس حسني مبارك قبل عقد من الزمن.
ولم يكد هذا القطاع يبدأ في التعافي عام 2019 حتى تلقى ضربة جديدة بسبب كوفيد-19.
وكان يُنتظر أن يزور مصر قرابة 15 مليون سائح في 2020، مقابل 13 مليونا العام السابق. لكن حركة السياحة تراجعت بنسبة كبيرة بسبب الأزمة الصحية العالمية.
فرانس24/ أ ف ب