loading

الاحتفال بمولد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب – بقلم : د. عبدالله الناصر حلمى

عبدالله الناصر حلمى

د. عبدالله الناصر حلمى


عبدالله الناصر حلمى

د. عبدالله الناصر حلمى

 

نظرا للظروف الغير طبيعية والقاهرة التى تمنعنا عن الاحتفال بمولد الإمام
الحسين بن علي بن أبي طالب لكننا نحتفل بمولده الشريف فى قلوبنا بقدر
حبنا لها وجدها صل الله عليه وآله وسلم والتزامنا بتعليمات الحكومة
الهادفة للصالح العام لجموع الشعب المصرى ونجدد الدعوة لكل شعب مصر
بالبقاء فى البيت لاتقاء شر فيروس كورونا اللعين. حمى الله مصر والمصريين
من كل شر دائما.

الثلاثاء 8 ديسمبر 2020م يحتفل الصوفية بمصر بمولد سيدنا الإمام الحسين
بن على بن أبى طالب – رضى الله عنه – وهو واقعيا الاحتفال بذكرى استقرار
رأسه الشريف فى مسجده بالقاهرة.
يقع مسجد الإمام الحسين بن علي في القاهرة بمصر في القاهرة القديمة في
الحي الذي سمى باسم الإمام (حي الحسين) بجوار المسجد أيضا يوجد خان
الخليلي الشهير والجامع الأزهر.
فى صحراء «كربلاء» استشهد سيد شباب أهل الجنة، الحسين بن على بن أبى طالب
– رضى الله عنه – مقاتلاً ضد أول عملية «توريث» فى الحياة السياسية
الإسلامية، على يد يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، قبل أكثر من 1400 عام..
سقط «الحسين» على الأرض وفى قلبه سهم بثلاث شعب.. وحين فصل القاتل رأس
سبط النبى عن جسده باثنتى عشرة ضربة بالسيف.. كانت روح الشهيد تحلق فوق
ميدان المعركة المشهودة، بينما دماؤه الذكية تكتب أول سطور «تغريبة آل
البيت»، بالجسد كاملاً أو بأجزاء منه، من العراق إلى دمشق ومن فلسطين إلى
مصر المحروسة، التى بكت «الحسين» كما لم يبكه أحد.
رحل سيد شباب أهل الجنة قتيلاً، إلا أن شعوب 3 دول تنازعت على مكان
دفنه.. وكما تفرد «الحسين» حياً.. تفرقت محبته فى قلوب العباد، فتنازعوا
موضع «الرأس الشريف» بين دمشق وكربلاء والقاهرة، لتبدأ أسطورة «مسيح
الإسلام»، الإمام السبط، الحسين بن على، نجل فاطمة الزهراء، قرة عين
النبى – صلى الله عليه وسلم – وابن على بن أبى طالب – آخر حبة فى سلسلة
الخلفاء الراشدين، صهر النبى ومستودع سره وفارسه الذى رحل غدراً مثل
والده.
يروى المقريزى فى خططه أن الجند جاءوا ليزيد بن معاوية برأس الحسين، فأخذ
يضرب الرأس بقضيب كان فى يده ثم أمر بصلب رأس الشهيد فوق رمح على باب قصر
الخلافة، فكان يمر به الناس ويسمعونه يتلو آيات من القرآن الكريم، فأمر
ابن معاوية بإنزاله لمخازن السلاح وبقى فيه حتى عهد سليمان بن عبدالملك
«سابع خلفاء بنى أمية» فأخرجها ودفنها مع جسد الإمام بكربلاء، حيث
استشهد.
ويورد المؤرخ في ذكره لتاريخ المشهد الحسينى رواية أخرى جاء فيها أن يزيد
بن معاوية أمر برأس حفيد النبي فطوّف به ولايات الخلافة حتى انتهى إلى
عسقلان بفلسطين، فلما جاء القائد الفاطمى «الصالح طلائع» افتدى الرأس من
أمير عسقلان الصليبى بمال كثير، ووضعه فى رداء أخضر على كرسي من الأبنوس
ونثر تحته المسك والطيب وأقام فوقه المشهد الحسينى القائم بحى الجمالية
بالقاهرة، منذ عام 549 هجرية الموافق 1154 ميلادية.
مسجد الحسين هو «القبلة الثانية» للقاهرة بعد الأزهر، بنى المشهد فى عهد
كانت مصر فيه خاضعة للحكم الفاطمى الشيعى وتعلقت قلوب المصريين بالمشهد
الحسينى كما تعلقت قبله بمشاهد آل البيت ممن سبقوا حفيد النبى – صلى الله
عليه وسلم – إلى مصر. يستقبل المشهد الحسينى يوميًا زوارًا من مختلف
محافظات مصر، ويزداد الترحال المسجد في أيام الاحتفال بالمولد النبوى
الشريف وكذلك فى ذكرى استشهاد الإمام الحسين نفسه «عاشوراء» العاشر من
محرم وذكرى مولده فى الثالث من شعبان . وفى شهر رمضان المعظم يصبح الضريح
والساحة المحيطة به قبلة لسكان القاهرة، فمنهم من يتنسم فيه رائحة «سليل
النبوة» ومنهم من يذهب إلى الإمام الشهيد، دون أن يشغل باله بموقع الدفن
الحقيقى، فالإمام روح أعلى من أى جسد. معمارياً، لم يتبق من المبنى
التاريخى سوى الباب الأخضر، وهو واحد من أبواب ثلاثة للمسجد، بناها قائد
الجيوش الفاطمية «الصالح طلائع» المعروف بابن زريك، حامل رأس الحسين
للقاهرة.
فالمسجد عند نشأته كان ضريحًا متوسط المساحة، بناه الصالح «طلائع» من
الحجر المنحوت، واتخذ له 3 أبواب ومأذنتين وقبة واحدة علت الضريح، الذى
يقال إنه ضم رأس الإمام الحسين، ولكن الأمراء والولاة الذين توالوا على
مصر فى عهد الدولة الفاطمية وما تلاها، وصولا لعهد الملك الصالح أيوب
عمدوا إلى توسعة الضريح وبناء المسجد، واتخذوا فيه أسبلة «مشارب مياه»
لسقاية الزائرون. وأعيد تجديد الضريح دون تغيير عمارته فى عهد الصالح نجم
الدين أيوب بعد احتراقه بسبب الشموع التى يوقدها داخله الزائرين. وكانت
آخر عملية توسعة قامت بها الحكومة المصرية عام 1953 لتصبح مساحة المسجد
الكلية 3340 متراً مربعاً. وبقيت أمام المشهد قاعدة حجرية عليها بقايا
رخام، هى ما تخلف عن المنارة التي بناها «أبو القاسم بن يحيى بن ناصر
السكرى» أمام الضريح الحسيني عام 634 هجرية.
فى رحاب «شهيد التوريث» الأول فى الإسلام.. يحج المصريون بقلوبهم قبل
أجسادهم، التى ما إن تمس السجان الأخضر فى «المقام»، حتى تنسى الدنيا
خارج جدران المسجد، وتتوحد مع «روح الإمام الذكى» التى تبارك الجميع.

التعليقات معطلة.

تم التصميم والتطوير بواسطة اتش فى اى بى اس