loading

السلطة السياسية والاعتدال والإرهاب – بقلم / أ.د.محمد فكري الجزار

محمد فكرى الجزار

أ د . محمد فكرى الجزار


محمد فكرى الجزار

محمد فكرى الجزار

أفهم لماذا تنحصر مواجهة الإرهاب في المواجهة الأمنية ، وأن تكون كلمة “تجديد الخطاب الديني” مجرد كلمة تطير في الهواء لتشغل حيزا من الوقت فحسب ، أو لتمنح قائلها بعض الوجاهة ، وكأنه عالم بالخطاب الديني وبالتالي على يقين بضرورة تجديده ، أو أنها كلمة تطلقها السلطة السياسية لتجديد ما يخصها فقط في هذا الخطاب ، أما ما تبقى فلا يهمها ولا يعنيها وإن كان الشعب كل الشعب بمسلميه ومسيحييه ضحايا بديهيين لهذا المتبقي . إن ممثلي السلطة السياسية ليسوا أكثر من هذا المسلم العادي الذي أفسد تصوراته الدينية الخطاب الديني الذي يطالبون بتجديده ، ومن ثم فلا عجب أن يكون ما يطالبون بتجديده هو ما امتحنوا خطأه منه فقط ، غير واعين بكمّ التصورات الدينية الخاطئة التي تعشش في أدمغتهم . لا يعرف ممثلو السلطة السياسية أن هذا الخطاب ليس دينيا على الحقيقة بل أيديولوجي بامتياز ، وأن المزعوم دينيا فيه ليس غير تصورات أفراد (يؤخذ منهم ويرد) عاشوا في أزمنة سابقة لها مشكلات غير مشكلاتنا وطرحوا لها حلولا بناء على وضعياتهم التاريخية والاجتماعية وموقفهم من السياسي قبولا به في أغلب الأحيان ومناوأة له في أقل القليل . لا يعرف هؤلاء المطالبون بتجديد الخطاب الديني من ممثلي السلطة السياسية أن من يتخذونهم مستشارين للأمور الدينية بينهم وبين الإرهابيين قواسم مشتركة متمثلة في تراث ضخم تراكم عير السنين دون أدنى مراجعة له حتى صار هو والنصوص الدينية من قرآن وسنة سواء في القداسة . وإني أتحدى أن يناظر أعلم رجال الدين في العالم ، وليس هؤلاء المستشارين أو هذا المستشار تحديدا اصغر إرهابي فيه ويخرج العالم منتصرا ، فأين يذهب من الشافعي وهو يحكم على المتكلمين بالتجريس (التشهير) ؟ أو ابن الصلاح وهو يعرض الفلاسفة إما على الإسلام أو السيف ؟ أو ابن تيمية وهو يكفر المسلمين وهو من اعنقد بحلّيّة الجهر بالنية ، بل أين يذهب من فقه أبي شجاع الذي يحفظه أطفال الأزهر عن ظهر قلب ؟ وما زلت أتحدى أن يسأل الرئيس السيسي مستشاره الديني في تغيير المنكر فقط ؟ ليسأله عن حكم تارك الصلاة أين يدفن ؟ أو المجاهر بالإفطار في رمضان ما حكمه ؟ أو حكم فقهه في المسلسلات الدينية التي يبدي استياءه منها كما سبقه بذلك مستشاره ؟ ستفزعه الإجابات لو صدقه مستشاره ، وسيرى أي علم يطابق علم الإرهابيين حذو النعل بالنعل (هنا مكان النعال حقا) . إني لست بالخِبّ والخِبّ لا يخدعني مهما رفع من عمامته ووسع من مساحة ابتسامته . ليست القضية قضية تكفير الحاكم ولا قضية حكم الخروج عليه مطلقا ولا استباحة دماء الناس ، الأمر أخطر من ذلك بكثير ، وهذا الأخطر يعرفه تماما ممثلو المؤسسة الدينية ويجهله تماما ممثلو السلطة السياسية ، وبين جهل هذا المطبق وعلم هذا التام ، لا يَضِيعُ الشعب فقط بل يُضَيّعُ الدين نفسه . وأنت يا سيادة رئيس السلطة التنفيذية الحقيقة أنا لا أفهم لماذا يجب أن يكون لك مستشار ديني ؟ وقياسا على ـ والقياس مصطلح ديني (أصولي) لماذا ليس لك مستشار فني وآخر رياضي ؟ إلا إذا كنت نفسك تدخل الدين في السياسة والسياسة في الدين في حين تواجه مؤسساتك الأمنية الممثلين الشرعيين لهذه المقولة . الحقيقة أننا نحيا عبثا لا سوابق له في التاريخ الحديث لمصر ، عبثا بدأ من المواد المشبوهة في الدستور التي تجعل من الدولة المصرية دولة دينية بامتياز ، ولا أعتقد أنه سينتهي بالضرورة التي يراها السيد الرئيس السيسي لوجود مستشار ديني لسيادته .. أما نهاية هذا العبث فلا أريد أن أقول : إنها الكارثة ، فلعل الله يحدث دون ذلك أمرا .

حديث العالمAuthor posts

صحيفة الكترونية شاملة

التعليقات معطلة.

تم التصميم والتطوير بواسطة اتش فى اى بى اس