loading

المجلس الاقتصادي العربي – بقلم / المستشار د. ناجى حمادة


 

المستشار د. ناجى حمادة

المستشار د. ناجى حمادة

بعد ان إتضح لمعظم الدول الأعضاء في الجامعة العربية ان اللجنة الاقتصادية ـ المالية المنبثقة عنها، ليست قادرة على القيام بالاعمال المنوطة بها، ورأت، بعد انشاء الكيان الصهيوني، ان مصالحها باتت مهددة، أدركت أن في توثيق عُرى التعاون الاقتصادي في ما بينها الوسيلة الفضلى للدفاع عن مصالحها وأهدافها، قامت بإبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950، ونصّت المادة الثامنة على انشاء المجلس الاقتصادي العربي. ويتكون هذا المجلس من وزراء المال والاقتصاد العرب او من يمثلهم عند الضرورة. ولاحقا انفصل هذا المجلس عن المعاهدة الام التي انبثق منها، وذلك لاتاحة الفرصة امام الدول التي لا ترغب بتوقيع اتفاقية الدفاع ان تكون عضواً في هذا المجلس، وهكذا شملت عضويته الدول العربية كلها. وقد باشر المجلس اعماله في كانون الاول سنة 1953. ولغاية سنة 1998 كان قد عقد اكثر من 62 دورة (7). وفي سنة 1978 تم تطوير هذا المجلس بحيث اصبحت صلاحياته أوسع في الزامية القرارات وعدِّل اسمه فأصبح المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ومن اهم انجازات هذا المجلس اتفاقية تسهيل التبادل التجاري والترانزيت بين الدول العربية سنة 1953. وقد وقع هذه الاتفاقية آنذاك كل من: السعودية، مصر، العراق، الاردن، سوريا ولبنان، وتلتها لاحقا الكويت. وكان هدف هذه الاتفاقية احداث نظام تجاري تفضيلي بين الدول الاعضاء وذلك عن طريق تخفيض تدريجي للتعريفات الجمركية. واهم ما تضمنته هذه الاتفاقية اعداد ثلاث قوائم هي: القائمة (أ) تتضمن منتجات زراعية وموارد طبيعية يجب ان تنتقل بدون اي قيد عبر البلاد العربية. والقائمة (ب) وتتضمن منتجات صناعية وعدداً من المنتجات الزراعية، وينبغي ان تتحرر بنسبة 25%. اما القائمة (ج) فتضم منتجات تحويلية يجب تخفيض التعريفات المفروضة عليها بنسبة 50%. كذلك نصت الاتفاقية على تبني نظام تفضيلي لتراخيص الاستيراد، وتسهيلات من اجل انتقال رؤوس الاموال الموجهة نحو تمويل مشاريع التنمية وتنسيق الضرائب الداخلية التي تفرض على بعض المنتجات الزراعية والصناعية، كما نصت على تبسيط الاجراءات الادارية من اجل تسهيل مرور البضائع (الترانزيت) عبر البلدان العربية.

ولأسباب عديدة تعثرت هذه الاتفاقية، ونشأ عنها نظام تجاري غير متكافئ لجهة نوعية الرسوم الجمركية ونظام التراخيص في كل دولة، وكان تطبيق هذه الاتفاقية يخضع في كثير من الاحيان لتقلبات المزاج السياسي للبعض وللتغيرات المفاجئة ولفترات التوتر والهدوء في المنطقة، اما العقبات الاساسية فتتمثل في تشابه المنتجات الاقتصادية التي يغلب عليها الطابع الزراعي كذلك في ضعف القطاعات الانتاجية المتمثلة بالصناعة والزراعة. ولئن كانت التجارة الخارجية وجدت بالاساس لخدمة القطاعات الانتاجية، فأي دور سيكون لها في غياب القاعدة الاقتصادية الاساسية المرتكزة على الانتاج والاستثمارات المنتجة. وبالرغم من ذلك فقد أنجز هذا المجلس بعض الخطوات العملية على طريق التعاون الاقتصادي، متماشياً مع الظروف الاقتصادية والسياسية للدول العربية.

 

حديث العالمAuthor posts

صحيفة الكترونية شاملة

التعليقات معطلة.

تم التصميم والتطوير بواسطة اتش فى اى بى اس