ذات سنة – قصة قصيرة – بقلم / نسيمة الهادي اللجمي
في أوّل سنة أباشر فيها التّدريس وقع تعييني بمدرسة كبيرة ذات اسم معروف و سمعة جيدة ..وهي المدرسة التي أكملت فيها تعليمي الإبتدائي وتحصلت فيها على شهادة السيزيام …… و كنت قد علمت من هنا وهناك أن مدير المدرسة الحالي هو رجل جبّار وقاس وصعب المزاج … وفي الليلة السابقة لمباشرتي عملي التجأت إلى حضن والدي أحتمي به .. بكيت في حضنه وأنا أقول له ” أرجوك يا أبي ساعدني لا أريد أن أعمل بهذه المدرسة … إنّي أخاف مديرها ّ… ضمّني والدي إلى صدره و ربّت على كتفي وقال بصوته الحنون : توكّلي على الله ولا تخشيْ عبدا مثلك .
إثر الثلاثي الاول وقبل العطلة بيوم فاجئني حارس المدرسة بقوله …المدير يطلبك في مكتبه .. ارتعدت فرائصي و قلت له : .. لماذا .. لم أفعل شيئا ماذا يريد مني …. وذهبت وأنا أسترجع كل ما قمت به فلا أجد غبارا عليه
جلست أمامه وهو يرحّب بي .. ثم جعل يقدّم لي الشكر… وقال : إنّ المساعدين البيداغوجيين الّذين يزورونك يحملون عنك انطباعات جيّدة …ولقد سررت بنتائج تلاميذك في امتحان الثلاثي الاول كما أنّ الأولياء يمتدحون عملك و يثمّنون علاقتك بأبنائهم …… تنفست الصعداء وحمدت الله في سرّي وقد شعرت بالإرتياح …والحقيقة انا لم اكن انتظر ما سمعته منه فقد كنت أعمل بكل جد و اخاف ان اكون مقصرة… ثم صمت برهة وأطال النّظر إليّ و أدركت أنّه يفكّر في أمر ما … وفعلا لقد فاجأني بقوله ..اسمعيني جيّدا يا ابنتي أنت شابّة جميلة وطيبة جدا .. ولقد برهنت أنّك مدرسة كفأة …وإنّي أريدك أن تحذري من بعض زميلاتك المدرّسات لقد أتت بعضهن إلى مكتبي للوشاية بك …ولم أصدّقهن لأنّي أدرى منهن ومن الجميع بما يقع في مدرستي ..وخبرتي بالناس علمتني كيف اميز بينهم
شكرته وسط دهشتي واستغرابي ممّا تفعله المرأة بالمرأة ….وخرجت وأنا أقول في نفسي … إنّ الحزم والشدّة ضروريان جدا وسط مجتمع لا يخشى أفراده الله … فرحم الله والدي الذي قال لي لا تخشي عبدا مثلك وطوبى لهذا المدير لحزمه وشدته …
نسيمة الهادي اللجمي
صفاقس ..تونس