وهناك اليوم لا إناء نظيف للاغتسال، ولا طعم الا ما تبقى من مذاق آخر وجبة مرّت على حلوقنا منذ عام مجنون.
وفي غزة تكدّست ضحكات أبي في السماء السابعة مع يد أمي الحنونة تداعب خصلات شعري، وكثير من القُبلات المحلقة معها هناك بالبعيد.
في غزة ومع مرارة الماء المالح أصلًا فقدنا طعم الليالي الساهرة المارقة كالبرق، ونار المدفأة والحلقات المرِحة،
وأنكرنا لون الأشجار الخضراء الفاتن، والرمل الجميل الأصفر، وخشونة أبواب البيوت ومرح الدبكة وبهجة فتياتها واليرغول.
وفيها وكل فلسطين نسينا معنى عبث الاطفال وصرخاتهم يتراكضون بوجوه ملؤها البشر والطلاقة وغموض الأيام القادمة.
في غزة مازلنا نراكم أكوام ذكريات الفقد والموت والعمى والضباب والانسداد.
وهناك نكنس عبث الأيام القاتلة لتعود لنا حطامًا لا ينتهي كل يوم.
وهناك نحاول جمع أشلاء ذكريات كل من فاتتنا أيامهم الأخيرة، ونصُفّ لهم قوارير الأزهار حول شرفة بيتنا المهدم…
ونصعد حيث يتحلقون حول قرص الشمس كل يوم مع كثير من الصبر والأمل.
في غزة وفلسطين ثم لبنان الشقيق منذ أسابيع فقدنا بهجة الكلام الحلو، والأغاني الهادئة، ورخاء الخروج من البيت دون خوف كما فقدنا ثراء التفكير باليوم القادم.
لا تعليق