- الدكتور يريد أبحاثه على أسطوانة مدمجة.
- هل من الممكن أن أقدمها فارغة؟!
فرجع بظهره إلى الوراء، ورفع حاجبيه مندهشًا لقوله:
- فارغة؟!
- نعم، ما المشكلة؟! يعني هو سيتصفحها، فأنا فعلتها من قبل.
- كيف؟!
- في أثناء دراستي بالمرحلة الإعدادية كنت أكره معلمَ الدراسات الاجتماعية جدًّا، ومن شِدَّة عدم قَبولي له، كان عندما يكلفنا بواجبات منزليَّة، كنت لا أؤديها بتاتًا.
- وهل نجحت في هذه المادة؟
- نعم، كنت أستذكرها بالحد الذي يكفي للنجاح.
- ولم يفعل لك المعلم شيئًا مُطلقًا؟!
- حدث، دخل يومًا الفصلَ، وكأنه جاء خِصِّيصَى؛ ليسألني عن واجباتي، أين كراسة الواجب؟
- وماذا فعلت يا بطل؟
ابتسمت في وجهه، رددت عليه بكل هدوء:
- بصراحة يا أستاذ أنا لا أحب هذه المادة.
فنظرت له مبتسمًا، ففهم ماذا أريد أن أقوله:
- لا… فأنا لا أستطيع أن أقول له: إني أكرهك، فهو كان شديدًا وعنيدًا جدًّا، فوضعت السببَ كُلَّه في المادة.
- وماذا قال لك؟
- يا بني، وكيف ستنجح في المادة؟ فقلت:
- أُحَصِّلُ منها ما يكفي للحصول على الدرجة الدنيا للنجاح.
- وتركك بعدها؟
أمسكني من ياقة قميصي بيديه الغليظتين، وصاح:
- إن لم تأتِ بكراسة الواجب الحصة القادمة، فلا تدخل الفصلَ إلا ومعك وَلِيُّ أمرك.
- بالتأكيد عملت الواجب؟
- لا… سلمته واجبَ العلوم.
فجاء الحصة التالية رافعًا الكشكول:
هكذا تُعطيني واجبَ العلوم، ماذا أفعل معك الآن؟!
فرَدَدْت عليه بثقة كبيرة والسعادة تَملأ قلبي؛ لأنِّي استطعت أن أضايقه وأُخرجَه عن شعوره:
- آسف جدًّا يا أستاذ، فالكشاكيل كلها متشابهة.
- وبعد ذلك…؟!
- ومن يومها أخرجني تمامًا من رأسه، ولم يَعُدْ يسألني عن الواجب!!
——————-
بقلم
محمود سلامة الهايشة
كاتب وباحث مصري
elhaisha@gmail.com